* موقفان للناس من الإصلاح
عرض القرآن الكريم لموقفين للناس من (الإصلاح) نبينهما على النحو الآتي:
أولاً: المجرمون وادعاؤهم الإصلاح: إن منهج الإسلام الأساس في الإصلاح هو إحقاق الحق، وتثبيت معالمه، وإبطال الشر، وهدم معاقله، وليس هناك أخطر على الأمة من تشويه عقيدتها، وتحريف كتاب ربها، وتأويل كلامه تأويلاً باطلاً، كما أنه ليس هناك أضر على الإنسان من الشرك والوثنية، واتخاذ الأرباب مع الله ظلماً وزوراُ، وافتراء وبهتاناً.
وقد ضل جماعة من علماء أهل الكتاب وأحبارهم، فلووا ألسنتهم في كتاب ربهم، ليميلوها عن الآيات المنزلة الصحيحة إلى العبارات المبدلة المحرفة، فزادوا في كلام الله، أو نقصوا، أو حرفوا الكلم عن مواضعه، أو قرؤوا كلامهم بأنغام وتراتيل؛ ليوهموا الناس بأنه من التوراة، وأن الكتاب جاء بذلك ليحسبه المسلمون حقاً وصدقاً، والواقع أنه ليس من كلام الله، {ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} (آل عمران:75، 78) وأنه مخترع مبدل محرف، ليس من عند الله، وإنما هو من عند الشيطان والهوى، وهذا ليس تلميحاً أو إيماء، وإنما يصرحون بذلك؛ لقسوة قلوبهم، وجرأتهم على الله سبحانه، قال تعالى مبيناً هذا الموقف: {وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} (آل عمران:78).
وهذا شأن كل متأله منحرف عن الصراط المستقيم، {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار} (الزمر:3) فما يزعمه المتألهون من الهداية دعوى تحتاج إلى بينة وبرهان، {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} (البقرة:111). فكم من كافر عتيد، جبار عنيد، يدعي الإيمان والهداية، وهو رأس في الكفر والضلالة، كما أخبر الله عن اليهود والنصارى، {وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين} (البقرة:135) وقوله: {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون} (الأعراف:30).
وقال عز وجل عن فرعون: {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} (غافر:29) وغرض فرعون بهذا القول التدليس والتمويه على قومه، وأنه ما يريد إلا منفعتهم، مع أن الدافع الحقيقي لقوله هذا هو التخلص من موسى عليه السلام؛ حتى يخلو له الجو في تأليه نفسه على جهلة قومه، فإنهم كانوا كما أخبر تعالى في شأنهم: {فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين} (الزخرف:54).
وقد حذرنا سبحانه من هذا المسلك، قال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} (الأنفال:27) فالخيانة تعني في المفهوم الإسلامي موالاة العدو، وخيانة كل الفضائل والمبادئ التي جاء بها الإسلام، وطبيعي أن يعدل الناس الذين ابتعدوا عن مفهوم الإسلام عن استعمال التعبير القرآني في أقوالهم وأفعالهم؛ لأنهم يعلمون أن التعبير القرآني يشتمل على ما لا يريدون من مفاهيم تتنافى وسلوكهم العملي في واقع الحياة؛ ولذلك فهم يصفون موالاتهم للأعداء وتوليهم لهم، وخيانتهم لله ورسوله والمؤمنين بأوصاف الصلاح والإصلاح، وهم في الحقيقة إنما يلبسون باطلهم ثوب الحق، وينفذون مؤامراتهم وخياناتهم مع أعداء الإسلام تحت هذه الأغطية الجوفاء، فقد قتلوا المسلمين الغيورين على دينهم باسم حفظ مصالح الأمة وأمنها، وهم بهذا النهج لم يأتوا بجديد، إنما يسيرون على طريق أسلافهم، من طواغيت الأرض ومجرميها، فهذا فرعون كما يذكر القرآن الكريم قد سبق هؤلاء على هذا الأسلوب من التحريف والتزييف، {وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} (غافر:26) فهل هناك أطرف من أن يقول فرعون الضال الوثني عن موسى عليه السلام: {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} أليست هذه بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح؟ أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق المشرق؟ أليست هي ذاتها كلمة الخداع والتضليل الماكر الخبيث؛ لإثارة دهماء الناس في وجه الحق وأهله، وعبر الزمان والمكان تتكرر كلما تقابل الحق مع الباطل، والإيمان مع الكفر.
ثم يقول عز وجل عن فرعون في موضع آخر: {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} (غافر:29) هكذا يتحدث فرعون عن نفسه حديث المخلص لقومه، الساعي لمصلحتهم، فيقول: إنني لا أقول لكم إلا ما أراه صواباً، وأعتقده نافعاً! وهل يرى الطغاة إلا الرشد والخير والصواب؟! فالخير والرشاد والصواب في مفهوم أولئك المجرمين، أن ينالوا من شهواتهم وملذاتهم كاملة دون نقص، ولو فنيت الأمة كلها، أما لو كانوا يسعون في مصلحة الأمة كما يدعون، لسمحوا للأمة أن تقول لهم: أنتم مخطئون، وأنتم غير صالحين للقيادة فتنحوا عنها، وأعطوا القوس باريها، ولكن الحاصل من الطغاة من فرعون الغابر إلى فراعنة العصر الحاضر أنهم لا يسمحون لأحد أن يرى رأياً يخالف رأيهم، أو يقول كلاماً يخالف قصدهم، ولو لم يكونوا بهذا الوصف لما كانوا طغاة مستبدين، وفراعنة مجرمين.
ثانياً: المنافقون وادعاؤهم الإصلاح: المنافقون يدَّعون الإصلاح، لكن الله تعالى حكم عليهم بالإفساد، {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} (البقرة:11-12) فليس مصلحاً كل من ادعى الإصلاح، وليس مفسداً كل من رُميَ بالفساد، بل يُعرض ذلك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى ينجلي الأمر، ويبين الحق للمؤمنين، وأما المستكبرون من الكفار والمنافقين، فإنهم لا يرضون عن الحق مهما بُسط لهم من الأدلة والبراهين {وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون} (يونس:101) وفي الآية الأخرى {ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها} (الأنعام:25).
ومن قبل قال فرعون وملؤه لموسى عليه السلام: {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين} (الأعراف:132) وانقلاب الموازين لا يضفي الشرعية على الباطل، ولا يقلبه إلى حق، ولا يجعل الفساد إصلاحاً، فالمنافقون يوالون الكافرين، ويكشفون عورات المسلمين لهم، يقولون: إنما نريد الإصلاحَ بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب، ويسمون أنفسهم أنهم مصلحون، فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض، وإظهارهم أنه ليس بإفساد، بل هو إصلاح، قلباً للحقائق، وجمعاً بين فعل الباطل واعتقاده حقاً، وتركوا التحاكم إلى الله ورسوله، وراحوا يُقْسِمون بالله جهد أيمانهم أنهم ما فعلوا ذلك إلا إحساناً وتوفيقاً، {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا * فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا} (النساء:61-62).
والغريب العجيب أن معظم الدعوات التي خرجت في واقعنا المعاصر ترتدي ثوب الإصلاح، وترفع كلمة المنافقين الأُوَل، فالعبرة بالأفعال لا بالأقوال {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} (آل عمران:31) ونطقت نفوس مريضة بالإيمان فكذبت، {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} (البقرة:8) صوَّروا إفسادهم بصورة الإصلاح؛ لما في قلوبهم من المرض، كما قال عز وجل: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} (فاطر:8) وقوله عز شأنه: {وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون} (الأنعام:43). وبين الله أن الناصحين قد أمروهم بالمعروف بعد أن نَهَوْهم عن المنكر، فقال: {وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون} (البقرة:13).
ولقد علم المسلمون الحقائق الشرعية للإصلاح، فعظمت في قلوبهم منزلة القرآن والسنة، فما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد حرمه الله، وما أحله رسوله صلى الله عليه وسلم، وظل المسلمون على هذا الفهم قروناً طويلة، وأزماناً مديدة، فإذا ظهر من يخالفه ويعارضه، لم يلبث إلا قليلاً حتى يعلم الحق، وينقاد له، أو يطويه الزمن، وتنقرض شبهته.
وجاء العصر الحديث وقد ضَعُفَ المسلمون، وذهبت ريحهم، وضاعت هيبتهم، فبدأ أعداء الإسلام يثيرون الشبه، ويحيون ما قضى عليه علماء الإسلام من ضلالات، رغبة منهم في تشكيك المسلمين بدينهم أولاً، ولينشغلوا بالرد على مخالفيهم ثانياً، فلا يجدون فرصة لنشر دينهم، وإيصال تعاليمه. وساعدهم على ذلك ضَعْفُ المسلمين المادي، وإحساسهم بالنقص تجاه أعدائهم، مع جهل كثير من المسلمين بدينهم، وتقاعس بعض العلماء والحكام عن القيام بدورهم في حماية الدين وحياطته، ودفع الشبهات عنه. وأخذ بعض المسلمين يردد شبهات المستشرقين بجهل حيناً، وبعلم حيناً آخر، إن رغبة في المخالفة، وحرصاً على الشهرة التي تنشأ من مخالفة معتقدات الناس وثوابتهم، أو ادعاء للحرية، ونبذاً لما تعارف عليه الناس، فأصبحوا أبواقاً للمستشرقين، يلوكون ما مضغه غيرهم، وينشرون أفكارهم. فأصبح الإسلام يُحارب في معسكرين، وأصبحت السنة في مواجهة خصمين:
خصم خارجي قوي، يلبس لبوس العلماء، ويدعي الحياد، وهو لا يرقب في المسلمين إلًّا ولا ذمة، يحرفون الكلم عن مواضعه، ويؤولون النصوص لتناسب ادعاءاتهم. وخصم داخلي يلبس لبوس الحرص على الإسلام وتنقيته والدفاع عنه، ويحمل معول الهدم، وأسلحة الطعن، ويوهم الآخرين أنها آلات بناء وإصلاح. ولذلك عظم الخطب، وادلهمَّ الأمر، واحتاج العلماء المحققون والأئمة المجتهدون أن يوضحوا من الحقائق ما كان ينبغي أن يكون أوضح من الشمس في رابعة النهار. فأظهروا أهمية تعظيم الشريعة وحجيتها، ومكانتها في الإسلام، وأنه لا يمكن الاستغناء عنها، وأن لها قواعد حاكمة، وضوابط مقررة لا ينبغي الغفلة عنها.
والشبهات إنما تدخل على البعض بسببين: الأول: التأويل الفاسد لكلام الله تعالى، والأحاديث الموضوعة التي شاعت وذاعت في أوساط المسلمين، فأفسدت أذواقهم، وهدمت ثوابت الإسلام في نفوسهم، واتخذها أعداء الإسلام مرتكزاً لشبهاتهم. الثاني: سوء فهم النصوص الصحيحة، وتفسيرها على غير ما يحتمله نصها.
والتحديات والشبهات التي تواجه الإسلام بعضها قديم، أحياه أعداؤها، وآخر حديث أفرزه ضَعْفُ المسلمين، وجَهْلُ كثير من أتباعه بحقائقه، وانسياقهم وراء أعداء الإسلام، وانخداعهم بهم. ومن الملاحظ أن هؤلاء الذين ينخدعون من المسلمين بالمستشرقين ويرددون شبهاتهم، إنما أوقعهم في الفخ الذي نصبه لهم هؤلاء أحد هذه الأمور غالباً:
1- إما جهلهم بحقائق التراث الإسلامي، وعدم اطلاعهم عليه من ينابيعه الصافية.
2 - وإما انخداعهم بالأسلوب العلمي المزعوم، الذي يدعيه أولئك الخصوم.
3 - وإما رغبتهم في الشهرة والتظاهر بالتحرر الفكري من ربقة التقليد كما يدعون.
4 - وإما وقوعهم تحت تأثير أهواء وانحرافات فكرية، لا يجدون مجالاً للتعبير عنها إلا بالتستر وراء أولئك المستشرقين الكاذبين.
5- وإما إنه نتيجة طبيعية للانهزام النفسي، والإحساس بالنقص أمام الحضارة الغربية، مع الخواء الروحي، والجهل الشرعي، فيجتمع في ذلك رغبة في تجديد الدين، بحيث تتوافق تشريعاته وأحكامه مع الحضارة الغربية، والأفكار المعاصرة.
ومحصل الأمر: إذا كان للإصلاح أهله ودعاته، فإنه له مدَّعين وأدعياء، ليسوا منه في العير ولا في النفير، ولا هو منهم في قليل ولا كثير، لكنهم مع ذلك ينتسبون إليه بالبنوة زوراً. والإصلاح عند هؤلاء الأدعياء له معان أخرى لا علاقة لها به؛ فإذا كان الإصلاح بمعناه الشرعي الصحيح يعني: تطبيق مراد الله تعالى في الأرض، فإن الإصلاح عند الأدعياء معناه: موافقة أهواء الأنفس، ومتابعة مراد الطواغيت والكفار:
فمن الأول: وهو موافقة أهواء الأنفس ما دل عليه قوله عز وجل: {أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا} (الفرقان:43) فإن من الناس من لا يرى الإصلاح إلا في ما يوافق هوى نفسه، فينصبها معبوداً له، ويجعل هواها هو الميزان الذي يتحاكم إليه في تمييز القبيح من الحسن، فما وافق هوى نفسه هو الصلاح والإصلاح، وما خالفها فهو الفساد والإفساد، {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون} (الجاثية:23).
ومن الثاني، وهو موافقة مراد الطواغيت، ما دل عليه قوله عز من قائل: {وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون} (الأعراف:127) فمفهوم الإصلاح عند قوم فرعون موافقة مراد فرعون؛ ولذلك اعتبروا ما يدعو إليه موسى عليه السلام إفساداً؛ لما رأوا في دعوته من المخالفة لدعوة فرعون ودينه، ومعلوم أن الطاغوت هو كل من نصَّب نفسه معبوداً من دون الله، ومعلوم أن فرعون قال لقومه: {أنا ربكم الأعلى} (النازعات:24) وقال لهم أيضاً: {ما علمت لكم من إله غيري} (القصص:38) وقال لموسى عليه السلام: {لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين} (الشعراء:29) فاستحق بذلك وصف (الطاغوت).
ومن الثالث، وهو موافقة مراد الكفار، ما حكاه سبحانه عن المنافقين في قوله عز شأنه: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون} (البقرة:14) فتظاهروا بموافقة أهل الإيمان، وهم في واقع أمرهم يوافقون الكفار، ويرون أن موافقة الكفار على مرادهم هو الإصلاح بعينه! فلهذا {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} (البقرة:11-12).
ومما سبق يتبن أن مفهوم الإصلاح الذي تروِّج له وسائل الإعلام العلمانية، يراد به الإصلاح بالمفهوم الغربي، وبعبارة أخرى، موافقة مراد الغرب، وليس موافقة مراد الرب. فتبرج المرأة عندهم إصلاح، والاختلاط بين الجنسين في المدارس ومقار العمل إصلاح، والسماح للشواذ بممارسة شذوذهم إصلاح، وفي المقابل تطبيق الشرع عندهم فساد ووحشية، وحجاب المرأة المسلمة فساد ورجعية، ومنع الخمور والزنى فساد وقمع للحرية، وأي حرية؟! إنها الحرية الغربية كما يراها الغرب.
فأدعياء الإصلاح من المفسدين استعاروا أعين غيرهم، وعقول غيرهم، معطلين حواسهم وعقولهم، غافلين أو متغافلين عن كونهم ينتمون في الأصل إلى أمة ذات حضارة تليدة، ومرجعية أصيلة، فما أكثر أدعياء الإصلاح، وما أقل دعاته، فحسبنا أن نقول، كما أمر سبحانه نبيه أن يقول: {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين} (الملك:29).
ولا ينحصر الأدعياء بهؤلاء أو بغيرهم، بل مناوأة الحق ُسَّنة كونية، مستمرة للابتلاء والاختبار، وفيهم يظهر الجهاد، {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا} (الفرقان:52) وقال عز شأنه: {ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} (المائدة:48).
* مادة المقال مستفادة من موقع (موسوعة التفسير الموضوعي).
المقالات

