الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي يعاني من الهلاوس السمعية والبصرية، فكيف أساعده؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبي مريض نفسي، ويعاني من الهلاوس السمعية والبصرية، كان يعيش مع أمي، لكنه طردها من المنزل بالقوة، ثم عاش مع أخته، والآن بسبب مرضه طرد عمتي أيضًا، ويدّعي أنها تريد قتله.

يرفض تناول الدواء، ويضرب نفسه، ويعاني من الاكتئاب والعنف الشديد، أحضرته ليعيش معي في بيت زوجي، لكنه هرب، لاحقته إلى بلدته مع ابنتي الرضيعة، لكنه يعتبرني عدوه، ويقول كلامًا غير واقعي.

فجأة، في الليل، جلب عصا وحاول ضربي بحجة أنني ارتكبت شيئًا سيئًا! وهذا غير صحيح، شعرت بالخوف، وقررت العودة إلى منزلي خوفًا من أن يؤذيني أو يؤذي ابنتي، طلبت منه أن يأتي معي، لكنه رفض.

الآن، أشعر بالذنب لأنني تركته وحيدًا، المشكلة أنه يرفض الاعتراف بمرضه، ويرفض تلقي العلاج.

ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، جزاك الله خيرًا حول ما تقدمينه لوالدك، فهو بالفعل مريض -شفاه الله-، وهذا المرض الذي يعاني منه نُسميه بالمرض الذهاني، أي الاضطراب العقلي، والمتمثل في وجود ما يُسمّى بالأفكار الاضطهادية الضلالية، وهي الظنان المطبق الذي لا يمكن إقناعه بأي وسيلة بأن ما يُفكّر فيه ليس بصحيح.

أيتها الفاضلة الكريمة: لا تجادلوه في أفكاره، ولا تحاولوا إقناعه بأن أفكاره هذه ليست صحيحة؛ لأن هذا مرض في الأساس.

أيتها الفاضلة الكريمة: من الأفضل أن تتواصلي مع طبيب أو طبيبة نفسية في منطقتكم، وتتشاوري معها حول أفضل الطرق لمساعدة والدك هذا، وكل بلد لها نظمها وبروتوكولاتها العلاجية، في كثير من الدول –وأحسب أن تونس منها– القانون يُتيح لأهل المريض أن ينقلوه إلى المستشفى بواسطة السلطات الصحية، نعم، هنالك في كثير من الدول يوجد هذا القانون؛ لأن هذا الرجل –شفاه الله– مريض، وخطر على نفسه وعلى الآخرين، فلا يمكن أن يُترك هكذا.

إذًا هذه طريقة، والطريقة الأخرى هي عن طريق الطبيب أو الطبيبة، يمكن أن يُجلب له أحد الأدوية التي تذوب في العصير أو في الماء أو في الحليب وتُعطى له ليلًا، هنالك دواء يُعرف باسم (أولانزابين - Olanzapine)، هذا الدواء ممتاز ورائع جدًّا، ويذوب تمامًا في المشروبات، وليس له طعم أو رائحة.

والشركة التي قامت بصناعته صنعته بهدف أن يُعطى للمريض دون علمه، وهذا الأمر جائز تمامًا من الناحية الشرعية، وكذلك من الناحية الأخلاقية والمهنية الطبية، لكن طبعًا يجب أن يتناول الدواء بانتظام، على الأقل (10 ملغ) ليلًا، وبعد أن تتحسَّن حالته يمكن إقناعه بالذهاب إلى الطبيب.

وطبعًا هذا الرجل –شفاه الله– بعد أن يتحسَّن يجب أن يُنقل إلى الحقن، فهنالك حقن (إبر) تُعطى كل أسبوعين، وهنالك نوع يُعطى كل شهر، والحل الأمثل هو أن يتناول إحدى هذه الإبر، ما نُسميه بـ (الإبر طويلة المدى المضادة لمرض الذهان)، وبفضلٍ الله تعالى توجد منها الآن عدة أنواع، فهنالك ما هو غير مكلف، وهناك ما هو غالي الثمن، وكلها ذات منفعة عالية جدًّا.

هذا هو الذي أنصحك به، ويجب أن تستعيني بأحد الأقارب أو أحد الجيران أو أي شخص آخر يثق به والدك، حتى ولو جزئيًا، ويمكن أيضًا أن يكون إمام المسجد يفيد في مثل هذه الأحوال.

إذًا التشخيص واضح، والمرض معروف، ووالدك يجب أن يُعالج، والطرق التي ذكرتها لك كلها تُتيح فرصة للعلاج، وإن شاء الله لك أجر عظيم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً