مشكلتي كثرة التفكير وتحليل تصرفات الآخرين، أريد حلاً!

2025-10-27 22:38:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أودّ أن أسأل عن سبب النشاط الذهني العالي لدي؛ إذ تدور في ذهني أفكار كثيرة في نفس الدقيقة، وتطرأ بسرعة وبشكل متتالٍ، أفكر كثيرًا، وأربط بين الأمور، وأسأل نفسي "لماذا؟" و"كيف؟"، حتى إنني أستمر في تحليل شخصيات من حولي، حتى لو كنت في تجمع أو حفلة.

أحلل تصرفاتهم مع الآخرين، ولماذا تصرفوا بهذه الطريقة، وما الحاجة التي يسعون إليها؟ ودائمًا أصل إلى استنتاجات، وعندما أدرس، أعاني من عدم القدرة على إيقاف تدفق الأفكار، فأحيانًا أكتب كل فكرة تخطر لي على ورقة بجانبي؛ لأتمكن من مواصلة الدراسة.

أشعر أن دماغي مرهق جدًا، خاصة أنني أدرس الهندسة الطبية، وهي دراسة تحتاج إلى تركيز وتفكير، وكل هذا يزيد من تعبي، لدي رغبة شديدة في الحديث، ولا أستطيع كبح نفسي، حتى إنني أتحدى نفسي في ذلك، وغالبًا أفشل.

أشعر أنني لا أُكمل عبادة الأذكار، حتى لو وضعت لنفسي هدفًا بسيطًا، لا أتمكن من الالتزام به، أحيانًا أروي قصصًا لا داعي لها، وتافهة جدًا، ولا أستطيع اختصارها، بل أُسهب كثيرًا في الحديث، وأتحدث دون تفكير، فقط لغو، وعندما أكون وحدي، ولا أجد من أتحدث معه، لا أتمكن من منع نفسي من الوقوف أمام المرآة للرقص، رغم شعوري بالذنب لما أرتكبه من محرم.

خططي للتوقف عن هذا السلوك غالبًا ما تفشل، حتى إنني وصلت إلى مرحلة وضعت فيها مرآة فقط في الحمام، وأزلتها من غرفتي، وكثيرًا ما حاولت أن أخفض صوتي، لكنني أعاني من ذلك، وأعود إلى نفس الدرجة العالية، حتى إنني أُقاطع من حولي أثناء حديثهم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جوانا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب، أسأل الله لك العافية والشفاء.

أيتها الفاضلة الكريمة: الذي تعانين منه هو نوع من القلق الوسواسي، فالقلق حين يكون مهيمنًا يجعل الإنسان يدخل في أحلام يقظة وتحليلات كثيرة، وفي ذات الوقت لديك المنهج الوسواسي، والقلق والوساوس طبعًا تؤدي إلى إجهاد نفسي كبير، وهذا هو الذي تمرين به من منهج في التفكير ومشاعر.

أيتها الفاضلة الكريمة: أرجو أن تقللي كثيرًا من أي خطوة قد تثير لديك التفكير المتشابك، أو التفكير الوسواسي، دائمًا الإنسان يجب أن يكسر الروابط لكي يُعدِّل من سلوكه، وهذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا، أنت مُدركة للخطأ ومدركة لما هو صحيح، فيجب أن يكون منهجك هو المنهج الصحيح.

أنتِ محتاجة لعلاج دوائي، ولا شك في ذلك، فإن تمكنتِ من أن تذهبي إلى طبيب نفسي، هذا شيءٌ جميل، وإن لم تتمكني، فمن أفضل الأدوية التي سوف تساعدك: عقار يسمى (فلوفكسمين - Fluvoxamine)، هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (فافرين - Faverin).

أنت تحتاجين أن تبدئيه بجرعة (50 ملغ) ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها (100 ملغ) ليلاً، لمدة شهر، ثم (200 ملغ) ليلاً، لمدة شهرين، ثم (100 ملغ) ليلاً، لمدة شهرين آخرين، ثم (50 ملغ) ليلاً، لمدة شهر، ثم (50 ملغ) يومًا بعد يوم، لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء، فالفافرين دواء رائع، دواء ممتاز، وسوف يساعدك -إن شاء الله- في التحكم في هذا القلق، وكذلك الوسوسة.

ساعدي نفسك أيضًا من خلال:
- ممارسة أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة.
- طبّقي تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرجة، هي مفيدة جدًّا، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضّح كيفية ممارسة هذه التمارين.

أيتها الفاضلة الكريمة: ضعي لنفسك أهدافًا في الحياة، اجتهدي في دراستك، الأهداف لا بد أن تكون واضحة جدًّا، والطرق والآليات التي توصلك إلى أهدافك تكون أيضًا واضحة.

نعم، هنالك أهداف آنية، مثلًا: لو فكّرتِ أن تتواصلي مع بعض صديقاتك عن طريق التليفون، هذا هدف، وهدف ممتاز جدًّا، وبعد أن تنجزيه سوف تحسين بالمردود الإيجابي، نعم، أو مثلًا: إذا قمتِ بزيارة أهلك من كبار السن، هذا هدف ممتاز، وهذا يُحقق في أربعة وعشرين ساعة.

ثم بعد ذلك تأتي الأهداف متوسطة المدى، وهي الأهداف التي يجب أن نحققها في ستة أشهر، مثلًا: قرّري أن تحفظي ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، هذا هدف واضح، والخط الزمني أيضًا لإنجازه واضح، والأهداف بعيدة المدى طبعًا تتعلق بالتخرج، وإن شاء الله بالزواج، والحصول على الدكتوراه، وكل ما هو جميل، ويمكن للإنسان أن يكتسب منه ويفيده في مستقبل حياته.

اجعلي منهجك في الحياة على هذا النمط، وتناولي الدواء الذي وصفته لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

www.islamweb.net