أعمل في مختبر وأصبحت أعاني من وسواس الفيروسات

2025-11-04 01:29:53 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا موظفة في مستشفى، بقسم المختبرات، كنت أتعامل مع أي عينة بحذر، ولكن مرةً من المرات سمعت أحدًا يقول بأن الفيروسات تبقى عالقة في الملابس، وما إلى ذلك، وبين ليلة وضحاها أصبح ينتابني القلق والوسواس، وبسبب البحث الحثيث صار لدي توهم بأن تلك الفيروسات ربما تكون لمرض الكبد، أو الإيدز، وأنها عالقة في عباءتي، أو حقيبتي، أو حذائي، وقد تكون هناك بقعة دم على عباءتي لا أعلم بها، ومن الممكن أن يلمس أحد عباءتي وبيده جرح فينتقل إليه، وأكون السبب! أو قد يكون عالقًا في حذائي، أو أن أحدّا من أخواتي قد ينتقل إليها، فكرهت تخصصي، وصرت لا أريد الذهاب إلى العمل خوفًا من هذا الشيء.

علمًا أنني أرتدي الأوفر كوت، والقفازات، ولكن يخيل إلي أنه من الممكن أن تصاب عباءتي من الأسفل، حتى عندما أريد أن أغسلها؛ فإن ذلك يتطلب مني مجهودًا نفسيًا، وجهدًا قويًا، وصرت أنام وأنا أفكر، وأصحو وأنا أفكر، وتأتيني الكوابيس، وقد وصلت لمرحلة أنني قد أكون مصابةً بهذه الفيروسات، فما الحل؟

أشعر بأني تعقدت من عملي الذي كان حلمًا بالنسبة لي، ولكن قدر الله أن أصاب بهذه الوساوس، حتى الأوفر كوت بالرغم من أنني أخلعه مقلوبًا، وأضعه في الكيس، إلا أن ذلك يقلقني، علمًا بأنني عندما أعود من العمل أضع عباءتي مع الملابس الأخرى، وكيس الأوفر كوت أيضًا أضعه مع الملابس وهو بالكيس.

والآن بعد أن صرت أدقق في كل تصرف، صرت أظن بأن الملابس أصبحت ملوثةً؛ وكل ذلك خوفَا من أن أحدًا من أفراد عائلتي يلمس عباءتي وبيده جرح فينتقل إليه.

أتمنى أن تفيدوني بالمنطق، وبالعلم النفسي؛ لأنني أشعر بأن روحي متعبة، كما أنني كنت من قبل مصابة بوسواس النجاسة.

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شوق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، وقد عرضت شكواكِ بتفصيل دقيق وجميل، وأنا أقول لك: إن لديكِ تأويلات وسواسية أدت إلى مخاوف وسواسية، وهذا كله طبعًا أدى إلى القلق والتوتر.

في نهاية المطاف الفكر الوسواسي هو الذي يهيمن عليكِ، وطبعًا تبعته بعض الأفعال، لا نقول إنها أفعال خارجة عن الإطار الوسواسي، هي طبعًا استجابة للتأويلات الوسواسية.

أيتها الفاضلة الكريمة: لا بد أن تُحقّري هذه الأفكار، وأنتِ –والحمد لله– تتخذين التحوطات العادية، ولا أريدكِ أبدًا أن تُبالغي في هذه التحوطات، قارني نفسك بأي واحدة من زميلاتك، ولا تزيدي عن هذا، أعرفُ أن الوسواس سيكون مُلحًّا، وسيكون شديدًا، ومستحوذًا عليك، لكن بالإصرار على أن تكوني طبيعيةً، وعدم الاستجابة للوسواس من خلال المبالغة في أخذ التحوطات؛ ستجدين أن الأمر أصبح أسهل.

لكن من الضروري أن أوضح لكِ أنكِ محتاجة لعلاج دوائي؛ فهذا النوع من الوساوس لن تُكسر شوكته إلّا إذا تناولتِ العلاج، نعم، والعلاج الدوائي متوفر –الحمد لله– الآن، وهنالك أدوية فاعلة، سليمة، وغير إدمانية، ولا تؤثر على الهرمونات النسائية، من أفضلها دواء يُسمى (سيرترالين)، هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (زولفت) أو (لوسترال)، وربما يوجد في بلادكم تحت مسميات أخرى.

جرعة البداية هي نصف حبّة، (أي 25 ملغ) يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلينها حبّةً واحدةً (50 ملغ) يوميًا لمدة عشرة أيام أخرى، ثم تنتقلين إلى الجرعة العلاجية، وهي حبّتان في حالتكِ، (أي 100 ملغ) يوميًا، علمًا بأن الجرعة الكلية القصوى هي (200 ملغ) يوميًا (أي أربع حبّات) لكنكِ لستِ بحاجة لهذه الجرعة.

استمري على جرعة (100 ملغ) لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك انتقلي إلى الجرعة الوقائية، وهي (50 ملغ) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعليها (25 ملغ) يوميًا لمدة أسبوعين، ثم (25 ملغ) يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين أيضًا، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أؤكد لك أنه دواء رائع، ودواء فاعل، ودواء سليم، ولكن ربما يفتح شهيتكِ قليلًا نحو الطعام، أو ربما تحسين بشيء من الشراهة نحو الحلويات؛ فإن حدث شيء من هذا فأرجو أن تتخذي التحوطات اللازمة حتى لا يزيد وزنكِ.

إذًا: مبدأ التحقير، ومبدأ المواجهة، ومنع الاستجابة السلبية، وتناول الدواء.

ومن وجهة نظري أيضًا، يمكنكِ أن تُجري بعض التطبيقات السلوكية التي سوف تُفيدكِ كثيرًا، حتى وإن لم يكن بينها وبين وساوسكِ علاقة مباشرة، لكنها مفيدة.

أريدكِ أن تضعي يدك تحت أسفل قدمكِ، وتضغطي بشدة على الحذاء لمدة دقيقتين، ثم بعد ذلك تجمعين بين يديك الاثنتين ليحصل تلامس وتمازج للأوساخ، أو الغبار، أو ما نسميه الذي كان يوجد في أسفل الحذاء؛ هذا تمرين مهمٌّ جدًّا، وفاعل جدًّا.

وبعد دقيقتين ضعي ماءً في كوب، أو يمكن أن تُحضري الماء قبل بداية التمرين، كوبًا لا يتجاوز حجمه (200 مل)، هذه سعته الكلية، وبعد ذلك اعرفي أنك سوف تقومين بثلاث غسلات دون تكرار: الغسلة الأولى تغسلين يدكِ بالماء، والغسلة الثانية بالماء والصابون، والثالثة بالماء فقط.

وبعد ذلك سوف تدخلين في شيء من القلق، ويأتيكِ استحواذ شديد بأنك لم تغسلي يديك بشكل متكرر، قاومي هذا تمامًا، هذا تمرين ممتاز جدًّا، وأرجو أن تُكرّريه، ويمكن أن تستعيني بأحد أفراد أسرتك ليُطبّق معكِ التمرين نفسه، ليكون هو "المعالج المصاحب" كما نسميه، هذا أحد التمارين الممتازة، ويُكرّر 3 أو 4 مرات، وبعد ذلك ستجدين أن الأمور قد أصبحت أسهل كثيرًا.

أريدكِ أيضًا أن تمارسي تمارين الاسترخاء، وتمارين التنفس المتدرّجة، وتمارين الشهيق والزفير ببطء وقوة، كرّري التمرين (5 مرات) متتالية، ويمكن الاستعانة بأحد برامج اليوتيوب التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

إذًا: هذا هو علاج حالتكِ –أيتها الفاضلة الكريمة–، وأرجو ألّا تُكثري الفحوصات بحثًا عن التأكد من أنكِ غير مصابة بالفيروسات، لا، توقفي عن هذا تمامًا إن كنتِ تقومين به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net