5623  [ ص: 703 ] كتاب الجمل [ وصفين والخوارج ] وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله 
( 1 ) في مسير  عائشة   وعلي   وطلحة   والزبير   
( 1 ) حدثنا عبد الله بن يونس  قال : حدثنا بقي بن مخلد  قال : حدثنا أبو بكر  قال حدثنا  أبو أسامة  قال حدثني العلاء بن المنهال  قال حدثنا عاصم بن كليب الجرمي  قال : حدثني أبي قال : حاصرنا توج  وعلينا رجل من بني سليم  يقال له : مجاشع بن مسعود  ،  قال : فلما أن افتتحناها قال : وعلي قميص خلق انطلقت إلى قتيل من القتلى الذين قتلنا من العجم  ،  قال : فأخذت من قميص بعض أولئك القتلى  ،  قال : وعليه الدماء  ،  فغسلته بين أحجار  ،  ودلكته حتى أنقيته ولبسته وأدخلته القرية  ،  فأخذت إبرة وخيوطا  ،  فخطت قميصي  ،  فقام مجاشع  فقال : يا أيها الناس  ،  لا تغلوا شيئا  ،  من غل شيئا جاء به يوم القيامة ولو كان مخيطا  ،  فانطلقت إلى ذلك القميص فنزعته وانطلقت إلى قميصي فجعلت أفتقه حتى والله يا بني جعلت أخرق قميصي توقيا على الخيط أن ينقطع  ؛  فانطلقت والإبرة والقميص الذي كنت أخذته من المقاسم فألقيته فيها ثم ما ذهبت من الدنيا حتى رأيتهم يغلون الأوساق  ،  فإذا قلت : أي شيء هذا ؟ قالوا نصيبا من الفيء أكثر من هذا قال  عاصم    : ورأى أبي رؤيا وهم محاصرو توج  في خلافة عثمان  ،  وكان أبي إذا رأى رؤيا كأنما ينظر إليها زهارا  ،  وكان أبي قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال : فرأى كأن رجلا مريضا وكأن قوما يتنازعون عنده  ،  اختلفت أيديهم وارتفعت أصواتهم وكانت امرأة عليها ثياب خضر جالسة كأنها لو تشاء أصلحت بينهم  ،  إذ قام رجل منهم فقلب بطانة جبة عليه ثم قال : أي معاشر المسلمين  ،  أيخلق الإسلام فيكم وهذا سربال نبي الله فيكم لم يخلق  ،  إذ قام آخر من القوم فأخذ بأحد لوحي المصحف فنفضه حتى اضطرب ورقه  ،  قال : فأصبح أبي يعرضها ولا يجد من يعبرها  ،  قال : كأنهم هابوا تعبيرها  ،  قال : قال أبي : فلما أن قدمت البصرة  فإذا  [ ص: 704 ] الناس قد عسكروا  ،  قال : قلت : ما شأنهم ؟ قال : فقالوا : بلغهم أن قوما قد ساروا إلى عثمان  فعسكروا ليدركوه فينصروه  ،  فقام ابن عامر  فقال : إن أمير المؤمنين صالح  ،  وقد انصرف عنه القوم  ،  فرجعوا إلى منازلهم فلم يفجأهم إلا قتله  ،  قال : فقال أبي : فما رأيت يوما قط كان أكثر شيخا باكيا تخلل الدموع لحيته من ذلك اليوم  ؛  فما لبث إلا قليلا حتى إذا  الزبير   وطلحة  قد قدما البصرة  ،  قال : فما لبثت بعد ذلك إلا يسيرا حتى إذا  علي  أيضا قد قدم  ،  فنزل بذي قار  ،  قال : فقال لي شيخان من الحي : اذهب بنا إلى هذا الرجل  ،  فلننظر إلى ما يدعو  ،  وأي شيء جاء به  ،  فخرجنا حتى إذا دنونا من القوم وتبينا فساطيطهم إذا شاب جلد غليظ خارج من العسكر  ،  قال العلاء  ،  رئيت أنه قال : على بغل  ،  فلما أن نظرت إليه شبهته المرأة التي رأيتها عند رأس المريض في النوم  ،  فقلت لصاحبي : لئن كان للمرأة التي رأيت في المنام عند رأس المريض أخ إن ذا لأخوها  ،  قال : فقال لي أحد الشيخين اللذين معي : ما تريد إلى هذا ؟ قال : وغمزني بمرفقه  ،  قال الشاب : أي شيء قلت ؟ قال : فقال أحد الشيخين : لم يقل شيئا  ،  فانصرف  ،  قال : لتخبرني ما قلت  ،  قال : فقصصت عليه الرؤيا  ،  قال : لقد رأيت ؟ قال : وارتاع ثم لم يزل يقول : لقد رأيت لقد رأيت  ،  حتى انقطع عنا صوته  ،  قال : فقلت لبعض من لقيت من الرجل الذي رأينا آنفا  ،  قال محمد بن أبي بكر  ،  قال : فعرفنا أن المرأة  عائشة  ،  قال : فلما أن قدمت العسكر قدمت على أدهى العرب  يعني  عليا  قال : والله لدخل علي في نسب قومي حتى جعلت أقول : والله لهو أعلم بهم مني  ،  حتى قال : أما إن بني راسب  بالبصرة  أكثر من بني قدامة  ،  قال : قلت أجل  ،  قال : فقال : أسيد قومك أنت ؟ قلت : لا  ،  وإني فيهم لمطاع  ،  ولغيري أسود  ،  وأطوع فيهم مني  ،  قال : فقال : من سيد بني راسب  ؟ قلت : فلان  ،  قال : فسيد بني قدامة  ؟ قال : قلت : فلان لآخر  ؛  قال : هل أنت مبلغهما كتابين مني ؟ قلت : نعم  ،  قال : ألا تبايعون ؟ قال : فبايع الشيخان اللذان معي  ،  قال : وأضب قوم كانوا عنده  ،  قال : وقال أبي بيده : كأن فيهم خفة  ،  قال : فجعلوا يقولون : بايع بايع  ،  قال : وقد أكل السجود وجوههم  ،  قال : فقال إلى القوم : دعوا الرجل  ،  قال : فقال أبي : إنما بعثني قومي رائدا وسأنهي إليهم ما رأيت  ،  فإن بايعوك بايعتك  ،  وإن اعتزلوك اعتزلتك  ؛  قال : فقال  علي    : أرأيت لو أن قومك بعثوك رائدا فرأيت روضة وغديرا فقلت : يا قوم  ،  النجعة النجعة  ،  فأبوا  ،  ما أنت منتجع بنفسك ؟ قال : فأخذت بإصبع من أصابعه  ،  ثم قلت : نبايعك على  [ ص: 705 ] أن نطيعك ما أطعت الله  ،  فإذا عصيته فلا طاعة لك علينا  ،  فقال : نعم  ،  وطول بها صوته  ،  قال : فضربت على يده  ،  قال : ثم التفت إلى  محمد بن حاطب  وكان في ناحية القوم  ،  قال : فقال : أما انطلقت إلى قومك بالبصرة  فأبلغهم كتبي وقولي  ،  قال : فتحول إليه محمد  فقال : إن قومي إذا أتيتهم يقولون : ما قول صاحبك في عثمان  ؟ قال : فسبه الذين حوله  ،  قال : فرأيت جبين  علي  يرشح كراهية لما يجيئون به  ،  قال : فقال محمد    : أيها الناس  ،  كفوا فوالله ما إياكم أسأل  ،  ولا عنكم أسأل  ،  قال : فقال  علي    : أخبرهم أن قولي في عثمان  أحسن القول  ،  إن عثمان  كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين  قال : قال أبي : فلم أبرح حتى قدم علي الكوفة  ،  جعلوا يلقوني فيقولون : أترى إخواننا من أهل البصرة  يقاتلوننا  ،  قال : ويضحكون ويعجبون  ،  ثم قالوا : والله لو قد التقينا تعاطينا الحق  ،  قال : فكأنهم يرون أنهم لا يقتتلون  ،  قال : وخرجت بكتاب  علي  ،  فأما أحد الرجلين اللذين كتب إليهما فقبل الكتاب وأجابه  ،  ودللت على الآخر فتوارى  ،  فلولا أنهم قالوا كليب  ،  فأذن لي فدفعت إليه الكتاب  ،  فقلت : هذا كتاب  علي  ،  وأخبرته أني أخبرته أنك سيد قومك  ،  قال : فأبى أن يقبل الكتاب  ،  وقال : لا حاجة لي إلى السؤدد اليوم  ،  إنما ساداتكم اليوم شبيه بالأوساخ أو السفلة أو الأدعياء  ،  وقال : كلمه  ،  لا حاجة لي اليوم في ذلك  ،  فأبى أن يجيبه  ،  قال فوالله ما رجعت إلى  علي  حتى إذا العسكران قد تدانيا فاستتب عبدانهم  ،  فركب القراء الذين مع  علي  حين أطعن القوم  ،  وما وصلت إلى  علي  حتى فرغ القوم من قتالهم  ،  دخلت على الأشتر  فأصابه جراح قال  عاصم    : وكان بيننا وبينه قرابة من قبل النساء فلما أن نظر إلى أبي قال والبيت مملوء من أصحابه  ،  قال : يا كليب  ،  إنك أعلم بالبصرة  منا  ،  فاذهب فاشتر لي إفرة جمل نجدة فيها فاشتريت من عريف لمهرة جمله بخمسمائة  ،  قال : اذهب به إلى  عائشة  وقل : يقرئك ابنك  مالك  السلام  ،  ويقول : خذي هذا الجمل فتبلغي عليه مكان جملك  ،  فقالت : لا سلم الله عليه  ،  إنه ليس بابني  ،  قال : وأبت أن تقبله  ،  قال : فرجعت إليه فأخبرته بقولها  ،  قال : فاستوى جالسا ثم حسر عن ساعده  ،  قال : ثم قال : إن  عائشة  لتلومني على الموت المميت  ،  إني أقبلت في رجرجة من مذحج  ،  فإذا ابن عتاب  قد نزل فعانقني  ،  قال  ،  فقال : اقتلوني  ومالكا  ،  قال : فضربته فسقط سقوطا  ،  قال ثم وثبت إلى  ابن الزبير  فقال : اقتلوني  ومالكا  ،  وما أحب أنه قال :  [ ص: 706 ] اقتلوني والأشتر  ،  ولا أن كل مذحجية ولدت غلاما  ،  فقال أبي : إني اعتمرتها في غفلة  ،  قلت : ما ينفعك أنت إذا قلت أن تلد كل مذحجية غلاما  ،  قال : ثم دنا منه أبي فقال : أوص بي صاحب البصرة  ؛  فإن لي مقاما بعدكم  ،  قال : فقال : لو قد رآك صاحب البصرة  لقد أكرمك  ،  قال : كأنه يرى أنه الأمير  ،  قال : فخرج أبي من عنده فلقيه رجل  ،  قال : فقال : قد قام أمير المؤمنين قبل خطيبا  ،  فاستعمل  ابن عباس  على أهل البصرة  ،  وزعم أنه سائر إلى الشام  يوم كذا وكذا  ،  قال : فرجع أبي فأخبر الأشتر  ،  قال : فقال لأبي  ،  أنت سمعته ؟ قال : فقال أبي : لا  ،  قال : فنهره  ،  وقال : اجلس  ،  إن هذا هو الباطل  ؛  قال : فلم أبرح أن جاء رجل فأخبره مثل خبري  ؛  قال : فقال : أنت سمعت ذاك ؟ قال : فقال : لا  ،  فنهره نهرة دون التي نهرني  ؛  قال : لحظ إلي وأنا في جانب القوم  ،  أي إن هذا قد جاء بمثل خبرك  ،  قال : فلم ألبث أن جاء عتاب التغلبي  والسيف يخطر أو يضطرب في عنقه فقال : هذا أمير مؤمنيكم قد استولى ابن عمه على البصرة  ،  وزعم أنه سائر إلى الشام  يوم كذا وكذا  ،  قال : قال له الأشتر    : أنت سمعته يا أعور ؟ قال : إي والله يا أشتر  لأنا سمعته بأذني هاتين  ،  فتبسم تبسما فيه كشور  ،  قال : فقال : فلا ندري إذا علام قتلنا الشيخ بالمدينة  ؟ قال : ثم قال : المذحجية توقوا فاركبوا  ،  فركب  ،  قال : وما أراه يريد يومئذ إلا  معاوية  ،  قال : فهم  علي  أن يبعث خيلا تقاتله  ،  قال : ثم كتب إليه أنه لم يمنعني من تأميرك أن لا تكون لذلك أهلا  ،  ولكني أردت لقاء أهل الشام  وهم قومك  ،  فأردت أن أستظهر بك عليهم  ،  قال : ونادى في الناس بالرحيل  ،  قال : فأقام الأشتر  حتى أدركه أوائل الناس  ؛  قال : وكان قد وقت لهم يوم الاثنين  ،  فماريت  ،  فلما صنع الأشتر  ما صنع نادى في الناس قبل ذلك بالرحيل 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					