[ ص: 488 ]  [ ص: 489 ] الفصل الثاني  
[ في وقوع الإجمال في الكتاب والسنة ]  
اعلم أن  الإجمال واقع في الكتاب والسنة ،   قال   أبو بكر الصيرفي     : ولا أعلم أحدا أبى هذا غير   داود الظاهري     .  
وقيل : إنه لم يبق مجمل في كتاب الله تعالى بعد موت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .  
وقال   إمام الحرمين     : إن ( المختار أن ) ما يثبت التكليف به لا إجمال فيه ; لأن التكليف بالمجمل تكليف بالمحال ، وما لا يتعلق به تكليف ; فلا يبعد استمرار الإجمال فيه بعد وفاته - صلى الله عليه وآله وسلم - .  
قال  الماوردي ،   والروياني     : يجوز  التعبد بالخطاب المجمل قبل البيان      ; لأنه - صلى الله عليه وآله وسلم -  بعث  معاذا  إلى  اليمن   ، وقال : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله  الحديث .  
وتعهدهم بالتزام الزكاة قبل بيانها ، قالا : وإنما جاز الخطاب بالمجمل ، وإن كانوا لا يفهمونه لأحد الأمرين :  
( الأول ) : أن يكون إجماله توطئة للنفس على قبول ما يتعقبه من البيان ، فإنه لو بدأ في تكليف الصلاة وبينها لجاز أن تنفر النفوس منها ولا تنفر من إجمالها .  
( والثاني ) : أن الله تعالى جعل من الأحكام جليا ، وجعل منها خفيا ، ليتفاضل الناس      [ ص: 490 ] في العلم بها ويثابوا على الاستنباط لها ، فلذلك جعل منها مفسرا جليا ، وجعل منهما مجملا خفيا .  
قال الأستاذ   أبو إسحاق الشيرازي     : وحكم المجمل التوقف فيه إلى أن يفسر ، ولا يصح الاحتجاج بظاهره في شيء يقع فيه النزاع .  
قال  الماوردي     : إن كان الإجمال من جهة الاشتراك ، واقترن به تبيينه أخذ به ، فإن تجرد عن ذلك واقترن به عرف يعمل به ، فإن تجرد عنهما وجب الاجتهاد في المراد منه ، وكان من خفي الأحكام التي وكل العلماء فيها إلى الاستنباط ، فصار داخلا في المجمل ; لخفائه ، وخارجا منه ; لإمكان استنباطه .  
				
						
						
