4301  - وقال  إسحاق   : أخبرنا  وهب بن جرير  ، حدثني  أبي  ، حدثنا  محمد بن إسحاق  ، قال : حدثني  الزهري  ، عن  عبيد الله بن عتبة  ، عن  ابن عباس  رضي الله عنهما ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة  لعشر مضين من رمضان ، فصام وصام الناس ، حتى إذا كان بالكديد  أفطر ، فنزل صلى الله عليه وسلم مر الظهران  في عشرة آلاف من الناس ، فيهم ألف من مزينة  ، وسبعمائة من بني سليم  ، وقد عميت الأخبار على قريش  ، فلا يأتيهم خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يدرون ما هو فاعله ، وقد خرج تلك الليلة أبو سفيان بن حرب  ، وحكيم بن حزام  ، وبديل بن ورقاء الخزاعي  ، يتحسسون الأخبار قال العباس   : فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نزل ، قلت : واصباح قريش  ، والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة  عنوة ليكونن هلاكهم إلى آخر الدهر ، فركبت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، حتى جئت الأراك ، رجاء أن ألتمس بعض الحطابة أو صاحب لبن ، أو ذا حاجة يأتي مكة  فيخبرهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرجوا إليه ، فوالله إني لأسير ألتمس ما جئت له ، إذا سمعت كلام  أبي سفيان  وبديل بن ورقاء  ، وهما يتراجعان  ، فقال أبو سفيان   : والله ما رأيت كالليلة نيرانا ولا عسكرا ، فقال بديل   : هذه والله خزاعة قد خمشتها الحرب ، فقال أبو سفيان   : خزاعة  والله أقل وأذل من أن تكون  [ ص: 460 ] هذه نيرانها ، فقلت : يا أبا حنظلة  ، فعرف صوتي فقال : أبو الفضل  ؟ قلت : نعم ، قال : ما لك فداك أبي وأمي ؟ فقلت : هذا والله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ، واصباح قريش  ، قال : فما الحيلة فداك أبي وأمي ، قال : قلت : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك ، فاركب عجز هذه البغلة ، فركب ورجع صاحباه ، فخرجت به ، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين فقالوا : ما هذا ؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : هذه بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه ، حتى مررت بنار  عمر بن الخطاب  ، فقال : من هذا ؟ وقام إلي ، فلما رآه على عجز البغلة عرفه ، فقال : والله عدو الله ، الحمد لله الذي أمكن منك ، فخرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفعت البغلة فسبقته بقدر ما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء ، فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودخل عمر ، فقال : هذا عدو الله أبو سفيان  قد أمكن الله منه في غير عقد ولا عهد ، فدعني أضرب عنقه ، فقلت : قد أجرته يا رسول الله ، ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه ، فقلت : والله لا يناجيه الليلة رجل دوني ، فلما أكثر عمر  قلت : مهلا يا عمر  ، فوالله لو كان رجلا من بني عدي  ما قلت هذا ، ولكنه من بني عبد مناف  فقال : مهلا يا عباس  ، لا تقل هذا ، فوالله لإسلامك حين أسلمت كان أحب إلي من إسلام أبي الخطاب  لو أسلم ، وذلك أني عرفت أن إسلامك أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب  ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عباس  ، اذهب به إلى رحلك ، فإذا أصبحت فأتنا  [ ص: 461 ] به ، فذهبت به إلى الرحل ، فلما أصبحت غدوت به ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أبا سفيان  ، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ فقال : بأبي وأمي ما أحلمك ، وما أكرمك وأوصلك ، وأعظم عفوك ، لقد كاد أن يقع في نفسي أن لو كان إله غيره لقد أغنى شيئا بعد ، فقال صلى الله عليه وسلم : ويحك يا أبا سفيان  ، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ فقال : بأبي وأمي ، ما أحلمك ، وأكرمك ، وأوصلك ، وأعظم عفوك ، أما هذه فإن في النفس منها حتى الآن شيء ، قال العباس   : فقلت : ويلك ، أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا  رسول الله قبل أن يضرب عنقك ، فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا  رسول الله ، قال العباس   : فقلت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان  رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئا ، فقال صلى الله عليه وسلم : نعم ، من دخل دار  أبي سفيان  فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، فلما انصرف إلى مكة  ليخبرهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احبسه بمضيق من الوادي عند حطم الخيل ، حتى تمر به جنود الله ، فحبسه العباس  حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمرت  [ ص: 462 ] القبائل على راياتها ، فكلما مرت راية ، قال : من هذه ؟ فأقول : بنو سليم  فيقول : ما لي ولبني سليم  ، ثم تمر أخرى ، فيقول : من هؤلاء ؟ فأقول : مزينة  ، فيقول : ما لي ولمزينة  ، فلم يزل يقول ذلك حتى مرت كتيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضراء ، فيها المهاجرون  والأنصار  ، لا يرى منهم إلا الحدق ، قال : من هذا ؟ فقلت : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين  والأنصار  ، فقال : ما لأحد بهؤلاء قبل ، والله لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم لعظيم ، فقلت : ويحك يا أبا سفيان  ، إنها النبوة ، قال : فنعم إذا ، فقلت : النجاء إلى قومك ، فخرج حتى أتاهم بمكة  ، فجعل يصيح بأعلى صوته : يا معشر قريش  ، هذا محمد  ، قد أتاكم بما لا قبل لكم به ، فقامت امرأته هند بنت عتبة  ، فأخذت بشاربه ، فقالت : اقتلوا الحميت الدسم ، حمس البعير من طليعة قوم ، فقال أبو سفيان   : لا تغرنكم هذه من أنفسكم ، من دخل دار  أبي سفيان  فهو آمن ، فقالوا : قاتلك الله ، وما يغني عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق بابه فهو آمن  . 
هذا حديث صحيح . 
 [ ص: 463 ] وروى  معمر  ، وابن عيينة  ، ومالك  ، عن  الزهري  ، طرفا منه في قصة الصوم ، وأخرج ذلك الشيخان وغيرهما . 
وروى أحمد  طرفا منه من حديث  ابن إسحاق   . 
وروى  أبو داود  طرفا منه من قصة  أبي سفيان  مختصرا جدا ، ولم يسقه أحد من الأئمة الستة ، وأحمد بتمامه . 
ورواه الذهلي  بتمامه بالزهريات من طريق أبي إدريس  ، عن محمد بن إسحاق  ، لكن ليس فيه تصريح  ابن إسحاق  بسماعه له من  الزهري  ، والسياق الذي هنا حسن جدا . 
 [ ص: 464 ]  [ ص: 465 ]  [ ص: 466 ]  [ ص: 467 ]  [ ص: 468 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					