ذكر ولد المرتد ما يلزم من ذلك وما لا يلزم 
قال  أبو بكر :  وإذا ارتدت المرأة عن الإسلام ولها زوج ،  فإن جاءت بولد ، فإنه يلزم الزوج إلى أربع سنين منذ يوم ارتدت ، في قول  مالك   والشافعي  ، وحجتهما في ذلك موجود في النساء ، كانت امرأة ابن عجلان  ولدت مرة لثلاث سنين ، وذكر  مالك  أن امرأة ابن عجلان  حملت ثلاثة أبطن يمكث الولد في بطنها في كل بطن أربع سنين ثم تضع . قال : وليس ما ذكرناه باختلاف عنها ، لأنها قد تلد أبطن كل بطن في أربع سنين وتلد قبل ذلك أو بعده لثلاث سنين . 
وقال  الليث بن سعد   : حملت مولاة لعمر بن عبد الله  ثلاث سنين فولدت غلاما . وقال  عباد بن العوام   : ولدت امرأة معنا في الدار فولدت لخمس سنين وشعره يضرب (إلى ها هنا) وأشار إلى العنق قال : ومر به طير فقال : هش ، وقال  مالك   : عندنا امرأة لبعض ولد  أبان بن عثمان  حامل منذ خمس سنين لم تضع حتى الساعة ، وقد مات زوجها فأمرت رسولها يأتيني يسألني . 
وقد روينا عن  سعيد بن المسيب  أنه قال في رجل إن أباه وطئ أمة ثم غاب عنها أربع سنين فولدت بعد أربع سنين وقد نبتت ثناياه . 
وقال الزهري : إن المرأة تحمل ست سنين وسبع سنين ، فيكون الولد  [ ص: 230 ] محشوشا في بطنها ، قال : وقد أتى سعد بن عبد الملك  بامرأة حملت سبع سنين . 
وقال أصحاب الرأي : وإذا ارتدت المرأة عن الإسلام ولها زوج مسلم  ، فقد وقعت الفرقة فيما بينهما ويلزم الولد أباه فيما بينه وبين سنتين ، وكذلك لو كان الرجل هو المرتد والمرأة مسلمة على حالها ، وكذلك لو لحق الرجل بدار الحرب ، فهو مثل ذلك ، ولا يلزم النسب في هذا ، ولا يجب الميراث في قول أبي حنيفة  إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، ويلزم في قول يعقوب  ومحمد  لو شهدت امرأة واحدة . 
قال  أبو بكر :  وقد روينا عن  الضحاك بن مزاحم  أنه قال : ولدتني أمي لسنتين . 
 6677  - وروينا عن  حماد بن سلمة ،  عن حميد ،  أن هرم الأسلمي  كان في بطن أمه سنتين فولد وقد نبتت ثناياه فسمي هرما . 
وكان  أبو ثور  يقول : فإن ثبت شيء مما قال  مالك  وبعض الناس صرنا إليه ، وإلا فأكثر ما رأينا تحملن النساء تسعة أشهر ، وكذلك لو كان الرجل  [ ص: 231 ] هو المرتد فإن القول في الولد كذلك ، وكذلك لو لحق الرجل بدار الحرب فهو مثل ذلك . 
فإن جاءت بولد وأقامت على ولادتها أربع نسوة عدول قبلت شهادتهم ، وحكم به على ما وصفت ، وإن لم تأت بأربعة يشهدون لم يقبل قولها على ذلك ، ولم يلحق به النسب إلا أن تكون المرأة حاملا بين حملها حين ارتدت أو ارتد ، فيصدق على الولادة إذا جاء بالشبه . 
واختلفوا في المرأة المرتدة اللاحقة بدار الحرب ، فكان  أبو ثور  يقول : إذا جاءت هناك بولد ، فإنه يلزم الأب إذا جاءت به ما بينها وبين تسعة أشهر من يوم ارتدت ، وعليها العدة ، والدار لا تغير شيئا ولا تحرمه . 
وقال النعمان  ويعقوب  وابن الحسن   : إذا جاءت بولد هناك لم يلزم أباه ، إلا لأقل من ستة أشهر من يوم ارتدت ولحقت ، وهي في هذه الحالة بمنزلة من لم يدخل بها ؛ لأن العدة قد بطلت عنها حين لحقت بدار الحرب . 
قال  أبو بكر :  والعدة التي ألزمها الله النساء لا يجوز أن تزال إلا بحجة . واختلفوا في المرأة المسلمة تجيء من دار الحرب وهي حامل ،  فكان  أبو ثور  يقول : النسب يثبت لزوجها الحربي ، وعدتها أن تضع . 
وقال النعمان :  لا يلزم الولد أباه الحربي إلا أن تضع لأقل من ستة أشهر منذ فارقه ، وفي قول يعقوب  ومحمد   : يلزمه الولد إلى سنتين .  [ ص: 232 ] 
واختلفوا في المرتدة تسبى وهي حامل فولدت ولدا  ، فكان  أبو ثور  يقول : يلزم الزوج الأول إذا كانت في المدة التي وصفنا ، وتستتاب المرأة ، فإن تابت وإلا قتلت إذا وضعت ، ولا تسترق المرأة الحرة . قال : وهذا قول  مالك  وأبي عبد الله - يعني الشافعي   . 
وقال النعمان  ويعقوب  ومحمد   : إذا سبيت المرأة الحامل المرتدة ثم ولدت ولدا لأقل من ستة أشهر  ثبت نسبه من الأب الحر المسلم والولد رقيق مع المرأة . 
قال  أبو بكر :  وهذا خطأ لا يجوز استرقاق الولد وهو حر ، والمرأة داخلة في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم :  "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس فيقتل بها " فالمرأة لما كانت عند من خالفنا داخلة في جملة قوله :  "أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس " حكمها في ذلك كحكم الرجال كانت في الخصلة الثالثة المقرونة إلى الخصلتين مثل الرجل إن ارتدت قتلت ولم يجز أن ترق ولا تحبس . 
واختلفوا في الرجل يرتد فيلحق بدار الحرب فترك أم ولد له وامرأة مسلمة أو من أهل الكتاب  ، ففي قول  أبي ثور  يلزمه ولدهما إلى تسعة أشهر ويرث إن جاء الأب مسلما . 
وقال أصحاب الرأي : يلزمه الولد إلى سنتين .  [ ص: 233 ] 
وقال  مالك   والشافعي   : يلزمه الولد إلى أربع سنين . 
وقال  أبو ثور  ، وأصحاب الرأي : إذا تزوج المرتد مسلمة أو تزوجت المرتدة مسلما فهو سواء ، النكاح فاسد ، وما كان من ولد بينهما فهو ثابت النسب يرثهما جميعا إذا أسلما . 
وقال  أبو ثور  وأصحاب الرأي : إذا تزوج [المرتد ] مدبرة أو امرأة من أهل الكتاب  ، فالنكاح فاسد ، وما كان بينهما من ولد فإنه يلزمهما جميعا ولا يرث الولد الأب ولا الأم ؛ لأن الولد مسلم ، إلا أن يسلموا . قال  أبو ثور   : وإن وطئ المرتد أمته من أهل الكتاب أو مرتدة فجاءت بولد  ، فإنه يلزمه الولد ، وهو ابنه ولا يرثه إن مات على ردته ، وإذا وطئ أمة له مسلمة فولدت منه ولدا فهو ابنه ، وهو مسلم ، ولا يرثه ، وذلك أن الكافر لا يرث المسلم ، ولا المسلم الكافر ، ولا يرثهم ، ولا يرثونه إلا أن يسلم فيتوارثون بالإسلام . 
وقال أصحاب الرأي : إذا وطئ أمة مرتدة أو من أهل الكتاب فجاءت بولد لزمه ولا يرثه ، وإن وطئ أمة له مسلمة فجاءت بولد فهو ابنه وهو يرثه هذا قول النعمان  ويعقوب  ومحمد   . 
قال  أبو بكر :  لا يرثه . والنبي صلى الله عليه وسلم قال :  "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم "  .  [ ص: 234 ] 
				
						
						
