باب ذكر اختلاف أهل العلم في مسائل من باب السلف 
اختلفوا في الرجل يسلف الرجل الشيء إلى الأجل فيطالبه به قبل الأجل   . 
فكان  مالك بن أنس  ،  والليث بن سعد  يقولان : ليس له ذلك حتى يحل الأجل . قال الليث   : لأن السلف أجر ومعروف بمنزلة الصدقة وكان الحارث العكلي  ،  والأوزاعي  ،  والشافعي  يقولون : له أن يطالبه به ويأخذه منه متى شاء قبل الأجل وبعده ، وروي ذلك عن  النخعي   . 
قال  أبو بكر   : وهذا أصح .  [ ص: 422 ] 
وكان  مالك  يقول : من أسلف ورقا فلا بأس أن يأخذ بها ذهبا بعد محل الأجل ، وكان  الشافعي  يقول : لا بأس أن يأخذ بها ذهبا قبل محل الأجل وبعده ، وكان  إسحاق  يقول : إذا كان لرجل على رجل حنطة من قرض فلا يجوز له أن يأخذ بقيمته شعيرا ، لأنه باع حينئذ الدين بالعين . 
وفي قول  الشافعي   : له أن يأخذ به شعيرا يقبضه مكانه أقل من كيل الحنطة وأكثر إذا شاء ذلك المعطي . 
وقد روينا عن  إبراهيم النخعي  أنه قال : إذا كانت الدراهم قرضا يأخذ بها ما شاء . وروي ذلك عن  طاوس   . 
 8238  - حدثنا  إسماعيل بن قتيبة  ، قال : حدثنا  أبو بكر  ، قال : حدثنا  علي بن مسهر  ، عن الشيباني  ، عن محمد بن زيد  ، عن  ابن عمر  في الرجل يقرض الدراهم ثم يأخذ بقيمتها طعاما  أنه كرهه  . 
وقد روينا عن  سعيد بن جبير  ، وعكرمة  ، وحماد  أنهم كانوا لا يرون به بأسا ، وقال  سفيان الثوري   : إذا كان لك على رجل طعام قرضا فبعه من الذي عليه بنقد ، ولا تبعه منه بنسيئة ، ولا تبعه من غيره بنقد ولا نسيئة حتى يقبضه .  [ ص: 423 ] 
وقال أحمد   : جيد . وبه قال  إسحاق   . وكان  الحسن البصري  ،  ومحمد بن سيرين  ،  والأوزاعي  يقولون : إذا استقرض دراهم عددا رد عددا ، وإذا أخذها وزنا ردها وزنا . 
وقال عطاء : الوزن بالوزن والعدد بالعدد . 
وقال  حماد بن زيد   : أقرضت أيوب  دراهم بمكة  عددا فأعطانيها بالبصرة  عددا . 
وقال  أبو بكر   : هذا جائز ، وليس ببيع ، فله أن يقبض أفضل مما أعطى وأقل إذا كان ذلك عن غير شرط . 
قال  أبو بكر   : وقد رخص غير واحد من أهل العلم أن يستقرض الجيران بعضهم من بعض الخبز وممن رخص فيه أبو قلابة   . 
وقال  أحمد بن حنبل   : أرجو أن لا يكون به بأس ، وكذلك الخمير يستقرضه الجيران بينهم ، وقد حكى  ابن القاسم  مذهب  مالك  في الرجل يستقرض من الرجل رطل خبز فرن على أن يرد عليه من خبز الملة قال : لا يجوز في مذهبه ، وإن أخذه على غير شرط فأعطاه من غير الصفة التي أخذ قال : جائز . 
وكان  مالك  ،  والشافعي  يكرهان استقراض الولائد ،  [ ص: 424 ] قال  مالك  لأنه يخالف في ذلك الذريعة إلى إحلال ما لا يحل ولا يصلح ، ولم يزل أهل العلم ببلدنا ينهون عن ذلك ، ولا يرخصون فيه لأحد . وقال  الشافعي   : إنما كرهت استسلاف الولائد  ، لأن من استسلف أمة كان له أن يردها بعينها ، وجعلته مالكا لها بالسلف ، وجعلته يطؤها ويردها ، وقد أحاط الله ورسوله ثم المسلمون الفروج ، فجعل المرأة لا تنكح - والنكاح حلال - إلا بولي وشهود ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلو بها رجل في حضر أو سفر ، ولم يحرم ذلك في شيء مما خلق غيرها . 
واختلفوا في الرجل يقرض الرجل طعاما ببلد فلقيه ببلد آخر فتقاضاه الطعام أو كان استهلك له طعاما فسأل أن يعطى ذلك الطعام في البلد الذي لقيه . 
فقالت طائفة : ليس ذلك عليه ، ولكن يقال له : إن شئت فاقبض منه طعاما مثل طعامك بالبلد الذي استهلك لك أو أسلفته إياه فيه ، وإن شئت أخذناه لك الآن بقيمة ذلك الطعام في ذلك البلد . هذا قول  الشافعي   . 
وقال  الأوزاعي   : إن أقرضه طعاما بمصر  كيلا فلقيه بمكة  ، قال : إن كان من أهل مكة  قضاه  [بمكة  و] إن كان من أهل مصر  قضاه بمصر  ، وإن قضاه بمكة  بقيمته بمصر   . 
واختلفوا في نصراني يسلف نصرانيا خمرا   . 
فكان  سفيان الثوري  يقول : إن أسلم المقرض لم يأخذ شيئا ،  [ ص: 425 ] وإن أسلم المستقرض رد على النصراني ثمن خمره . وعلى مذهب  الشافعي  لا يرد شيئا إذا أسلم . وبه قال  أحمد بن حنبل  ، وإسحاق  وكذلك نقول .  [ ص: 426 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					