كتاب اللقطة 
ذكر أخذ اللقطة وتركها 
اختلف أهل العلم في أخذ اللقطة ، وتركها  ، فكرهت طائفة أخذها . 
روينا عن  ابن عباس  أنه قال : لا ترفعها من الأرض لست منها في شيء . وقال  عبد الله بن دينار   : قلت  لابن عمر   : وجدت لقطة ، قال : ولم أخذتها ؟ ! . 
وروينا عن  ابن عمر  ، أنه رأى دينارا مطروحا في المسجد فتركه  . 
 8633  - حدثنا  علي بن عبد العزيز  ، قال : حدثنا أبو نعيم  ، قال : حدثنا سفيان   (ح) وحدثنا [  محمد] بن عبد الوهاب   - والحديث له - قال : حدثنا  يعلى بن عبيد  ، عن سفيان  ، عن قابوس  ، عن [أبيه] ، عن  ابن عباس  قال : لا ترفعها من الأرض لست منها في شيء - يعني اللقطة   .  [ ص: 374 ] 
[و] قال أبو نعيم  و  (العرزمي)   : لا ترفع اللقطة لست منها في شيء . 
 8634  - حدثنا موسى  ، قال : حدثنا  أبو بكر بن أبي شيبة  ، قال : حدثنا معتمر  ، عن أبيه ، أن مجاهدا   وابن عمر  كانا يطوفان بالبيت ، فوجدا حقة فيها جوهر ، فلم [يعرضا] لها   . 
 8635  - (حدثنا موسى  قال) : حدثنا  أبو بكر  قال : حدثنا  وكيع  ، حدثنا الضحاك بن يسار  ، عن [ أبي] صالح  ، عن  أبي هريرة   : أنه رأى دينارا مطروحا في المسجد فجعل يدنيه برجله ، حتى أتى به قريبا من مقام الإمام ، ثم تركه   . 
 8636  - حدثنا موسى  قال : حدثنا  أبو بكر  قال : حدثنا  وكيع  ، حدثنا سفيان  ، عن  عبد الله بن دينار  ، قال : قلت  لابن عمر   : وجدت لقطة . قال : ولم أخذتها ؟   ! ومر شريح  بدرهم ، فلم يعرض له .  [ ص: 375 ] 
وممن كره أخذ اللقطة :  الربيع بن خثيم  ، وجابر بن زيد  ،  وعطاء بن أبي رباح  ،  وأحمد بن حنبل   . 
وقالت طائفة : يأخذها يحفظ على أخيه المسلم ماله ، ولا يعرضه بتركه للتلف . 
كان  سعيد بن المسيب  قال لرجل في شيء وجده : كان ينبغي لك أن تأخذه . وكان  حسن بن صالح  يرى أخذ اللقطة إذا وجدها ، ويعرفها سنة   . 
واختلف قول  الشافعي  في هذا الباب : كان يقول إذ هو بالعراق   : الورع أن لا يأخذها ، والنظر أن يأخذها إذا وثق بأمانته ، وخاف أن يأخذها غيره . وحكى بعض أهل مصر  عنه أنه قال : لا أحب لأحد ترك لقطة وجدها إذا كان أمينا عليها   . 
قال  أبو بكر   : وممن أخذ اللقطة ورضي أخذها  أبي بن كعب   . 
 8637  - حدثنا إسحاق بن إبراهيم  ، عن  عبد الرزاق  ، عن  الثوري  ، عن  سلمة بن كهيل  ، عن  سويد بن غفلة  ، قال : خرجت أنا وزيد بن صوحان  وسلمان بن ربيعة الباهلي  ، فالتقطت سوطا بالعذيب ، فقالا لي :  [ ص: 376 ] دعه . قلت : والله لا أدعه تأكله السباع ، لأستمتعن به ، فقدمت على  أبي بن كعب  فأخبرته ، فقال : أحسنت أحسنت إني وجدت صرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها مائة دينار فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "عرفها . . . "  وذكر الحديث . 
وروينا أن رجلا أتى عليا فقال : إني وجدت لقطة فيها ثلاثمائة درهم أو قريبا منها ؟ قال : عرفها   . 
قال  أبو بكر   : ولم ينكر عليه أخذها . 
 8638  - حدثنا  إسحاق  ، عن  عبد الرزاق  ، عن  معمر  ، عن أبي إسحاق  ، عن أبي السفر  ، أن رجلا أتى عليا فقال : إني وجدت لقطة ، فيها ثلاثمائة درهم ، أو قريبا منها . قال : عرفها   . 
وكان  مالك  يفرق بين الشيء الذي له بال . فقال : إذا كان شيء له بال يأخذ ذلك أحب إلي فيعرفها ، وليس هذا مثل الدرهم والشيء اليسير الذي لا بال له . أشهب عنه . 
وقال في الرجل يجد الطعام بطريق مكة  في الحج ، ونحو ذلك : لا يأخذه أحب إلي إلا أن يكون أحد يضطر إليه .  [ ص: 377 ] 
وقال محمد بن الحسن  في الرجل يأخذ اللقطة ، قال : إنما أخذتها لأردها على أهلها ، وأشهد عليها شاهدين بمقالته  لم أضمنه . وإن قال : قد التقطت لقطة فمن سمعتموه ينشدها فدلوه علي فجاء صاحب اللقطة فقال : قد هلكت لقطتك ، فهو مصدق ، ولا ضمان عليه . 
قال  أبو بكر   : وقد احتج بعض من رأى أخذ [اللقطة] ، ليعرفها بحديث زيد بن خالد  الجهني ، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال له : "اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة ، فإن جاء صاحبها ، وإلا فشأنك بها"   . 
قال قائل : ولو كان أخذها غير جائز لكان نبي الله صلى الله عليه وسلم أحق الخلق بأن ينهاه عما فعل . واحتج بقوله : ( وتعاونوا على البر والتقوى   ) ومن البر حفظ مال المسلم إذا قدر عليه . قال : ومما يدل على ما قلناه : إجماع أهل العلم على أن على الرجل إذا رأى رجلا قد سقط من يده مال أن يعلمه  ، وأن يمنع غير مالكه من أخذه ، ولا يسعه غير ذلك . فإن قال قائل : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  "ضالة المؤمن حرق النار" ، وبقوله "لا يأوي الضالة إلا ضال"  . فاللقطة غير الضالة ، واسم الضوال  [ ص: 378 ] لا يقع على الدنانير والدراهم ، وإنما يقع اسم الضوال على الإبل والبقر والغنم ، و (يدل) من حجة من خالف هذا القول ، وقال : إن ترك أخذها أسلم اتباع  ابن عباس   وابن عمر  ،  وأبي هريرة  وأن إيجاب أخذ اللقطة غير موجود بحجة ، وأن تركها أسلم . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					