ذكر اختلاف أهل العلم في القدر الذي يجب فيه قطع يد السارق  
وقد اختلف فيه أهل العلم فيما يجب فيه قطع يد السارق. 
فقالت (طائفة: لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا، على ظاهر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
روي هذا القول عن  عمر بن الخطاب  ،  وعثمان بن عفان  ،  وعلي بن أبي طالب  ، وثبت ذلك عن  عائشة   . 
 9010  - حدثنا  إسحاق  ، قال: حدثنا  عبد الرزاق  ، عن  معمر  ، عن  عطاء الخراساني،  أن  عمر بن الخطاب  قال: إذا أخذ السارق ما يساوي ربع دينار قطع. 
 9011  - حدثنا  علي بن الحسن  ، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد  ، عن سفيان،  قال حدثني عبد الله بن أبي بكر  ويحيى بن سعيد  ، قال: حدثتني  عمرة   [قالت] أتي بسارق قد سرق أترنجة في عهد  [ ص: 279 ]  عثمان بن عفان  ، فقومت بثلاثة دراهم من حساب الدينار باثني عشر درهما، قالت: فقطع. 
 9012  - وحدثونا عن بندار  ، قال: حدثنا يحيى،  قال: حدثنا جعفر  ، عن أبيه أن عليا  قطع في ربع دينار: درهمين ونصف.  
 9013  - حدثنا  علي بن الحسن  ، قال: حدثنا عبد الله،  عن سفيان،  قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر  ويحيى بن سعيد  قالا: حدثتنا  عمرة  ، عن  عائشة  قالت: القطع في ربع دينار فصاعدا.  
وبه قال  عمر بن عبد العزيز  ،  والأوزاعي  ،  والليث بن سعد  ،  ومحمد بن إدريس الشافعي  ،  وأبو ثور   . 
وقالت طائفة: تقطع اليد في ربع دينار، وفي ثلاثة دراهم، فإن  [ ص: 280 ] سرق درهمين وهو ربع دينار لانخفاض الصرف، لم تقطع يده حتى تبلغ سرقته ثلاث دراهم. 
هذا قول  مالك بن أنس  ، وقال  مالك  في السلع: لا تقطع إلا أن تبلغ ثلاثة دراهم، قل الصرف أو كثر. 
وكان  أحمد بن حنبل  وإسحاق  يقولان: تقطع اليد في ثلاثة دراهم،  فلما احتيج إلى أن يقوم على حديث  ابن عمر  ؛ لأن الحجفة قومت ثلاثة دراهم، فإذا سرق ذهبا فربع دينار، وإن سرق فضة فثلاثة دراهم. 
وقال أحمد:  إن يسرق من غير الدراهم والدنانير، فكانت قيمته ربع دينار أو ثلاثة دراهم، قطع. هذا معناه. 
قال  أبو بكر   : وهذا قول ثالث. 
وفيه قول رابع: وهو أن الخمس لا تقطع إلا في خمس، روي هذا القول عن  عمر بن الخطاب   . 
 9014  - حدثناه موسى،  قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم،  قال حدثنا  أبو بكر بن عياش  ، عن منصور  ، عن مجاهد  ، عن  سعيد بن المسيب  قال: قال عمر   ..... وهذه الرواية أثبت عن عمر  من الرواية التي رويناها عنه في القول الأول. 
قال  سليمان بن يسار   : لا تقطع الخمس إلا في الخمس.   [ ص: 281 ] 
 9015  - وفي حديث  سفيان الثوري  ، عن  شعبة  ، عن  قتادة  ، عن أنس  قال: قطع  أبو بكر  في مجن قيمته خمسة دراهم.  
حدثناه  علي بن الحسن  ، قال: حدثنا عبد الله،  عن سفيان،  قال: حدثنا  شعبة   . 
وقال بمثل قول  سليمان بن يسار   :  ابن أبي ليلى   وابن شبرمة   . 
وفيه قول خامس: وهو أن اليد لا تقطع إلا في عشرة دراهم.  
وقال بعضهم: دينار أو عشرة دراهم. 
روي عن  علي بن أبي طالب  ،  وعبد الله بن مسعود  أنهما قالا: لا تقطع - قال أحدهما: اليد وقال الآخر: الكف - إلا في دينار أو عشرة دراهم. 
 9016  - حدثنا بحديث 
علي:  إسحاق  ، عن  عبد الرزاق  ، عن الحسن بن عمارة،  عن  الحكم بن عتيبة  ، عن يحيى بن الجزار،  عن علي قال: لا تقطع الكف في أقل من دينار أو عشرة دراهم.  
 9017  - وحدثنا بحديث  ابن مسعود   :  إسحاق  ، عن  عبد الرزاق  ، عن  الثوري،  عن عبد الرحمن   [عن القاسم بن عبد الرحمن]  عن  ابن مسعود   [ ص: 282 ] قال: كان لا تقطع اليد إلا في دينار أو عشرة دراهم.  
قال  عطاء بن أبي رباح   : لا تقطع يد السارق فيما دون عشرة دراهم. 
وقال  النخعي   : تقطع يد السارق في دينار أو قيمته.  
وممن قال بأن يد السارق لا تقطع إلا في عشرة دراهم أو ما يساوي عشرة دراهم أو أكثر: النعمان  وصاحباه، وحكي ذلك عن الثوري. 
وفيه قول سادس: وهو أن اليد تقطع في أربعة دراهم فصاعدا.  
روي هذا القول عن  أبي هريرة  ، وعن  أبي سعيد الخدري   . 
وقال بعضهم: لا تقطع اليد إلا في أكثر من ثلث دينار. 
روي هذا القول عن أبي جعفر   . 
 9018  - حدثنا يحيى،  قال: حدثنا مسدد  ، قال: حدثنا يحيى،  عن داود بن فراهيج،  أنه سمع  أبا هريرة  وأبا سعيد يقولان: تقطع اليد في أربعة دراهم فصاعدا.  
وفيه قول ثامن: وهو أن اليد تقطع في درهم فما فوقه.  
روي ذلك عن  عثمان البتي.  
وفيه قول تاسع: وهو أن على كل سارق القطع إذا سرق ما له قيمة، قلت أو كثرت.  
هذا قول الخوارج، وبه قال طائفة من أهل الكلام، وقد  [ ص: 283 ] روينا عن  الحسن البصري  في هذا الباب ثلاث روايات، ذكر الأشعث  عنه أنه قال: ما كنت لأقطعه في أقل من ثمن خمسة. 
وذكر منصور  عنه أنه كان لا يوقت في السرقة شيئا، ويتلو هذه الآية ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما   ) . 
وذكر  قتادة  عنه أنه قال: تذاكرناه على عهد زياد فاجتمع رأينا على درهمين. 
قال  أبو بكر   : وقوله: أجمع رأينا على درهمين، قول عاشر. 
هذا الذي حضرني وانتهى إلي من اختلاف أهل العلم في هذا الباب. 
فأما من جعل الحد الذي يجب فيه [قطع] اليد ثلاثة دراهم، فإنه احتج بحديث  ابن عمر   : 
 9019  - أخبرنا الربيع  ، قال: أخبرنا  الشافعي  ، قال: أخبرنا  مالك،  عن نافع،  عن  ابن عمر  ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم.  
قال  أبو بكر   : وهذا حديث ثابت، وليس في قطعه فيما قيمته ثلاثة دراهم دليل على أن لا يقطع من سرق أقل منها، ولا أحسب تقويم ثلاثة دراهم إلا من  ابن عمر  ، وإن احتج محتج بالحديث الذي: 
 9020  - حدثناه يحيى بن محمد بن يحيى  ، قال: حدثنا مسدد  ، قال:  [ ص: 284 ] حدثنا  عيسى بن يونس  قال: حدثنا  الأعمش  ، عن أبي صالح  ، عن  أبي هريرة  قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  "لعن الله السارق إن سرق بيضة قطعت يده، وإن سرق حبلا قطعت يده".  
قال  أبو بكر   : فإن كان هذا ثابتا فقد يكون مراده الحبل الذي يسوى ربع دينار من حبال الشعر وغيره، وقد تكون البيضة من الحديد فيكون ذلك موافقا لحديث  عائشة  ، وليس في الباب أبين من حديث  عائشة  ، وبه نقول. 
				
						
						
