ذكر زوجة المرتد والحكم فيها 
اختلف أهل العلم في الحكم في زوجة المرتد   . 
فقالت طائفة : أي الزوجين ارتد انفسخ النكاح بينهما ساعة يرتد أحدهما ، هذا قول  مالك بن أنس  ،  وسفيان الثوري  ،  وأبي ثور  ، والنعمان  ، وأصحابه . وهذا قول  الحسن البصري  ،  وعمر بن عبد العزيز   . 
وفيه قول سواه : وهو أنها محبوسة على العدة ، فإن انقضت قبل أن يرجع الزوج إلى الإسلام (فقد بانت منه ، وإن رجع إلى الإسلام) وهي في العدة فهما على النكاح . هذا قول  النخعي  ،  والشعبي  ، والحكم  ،  والشافعي  ، وأحمد  ، وإسحاق   . 
وقال  الأوزاعي   : إذا لحق بدار الحرب مرتدا عن الإسلام قسم  [ ص: 516 ] ماله بين ولده وامرأته ، واعتدت التي دخل بها عدد المطلقات ، ولا عدة على التي لم يدخل بها  ، ويقوم مدبروه قيمة عدل فيترك لهم الشطر من قيمتهم ، ثم يسعون في الشطر الباقي فيؤدونه إلى ورثة المرتد ، من أجل أنه لم يمت فيعتقون ، وتعتد نساؤه أربعة أشهر وعشرا ، فإن قدم تائبا في عدة نسائه رددن عليه ومدبروه وماله ، فإن لم يرجع حتى تنقضي عددهن لم يرد عليه . 
قال  أبو بكر   : أما حجة  الشافعي  فأخبار ذكرها من أخبار المغازي في قصة لأبي سفيان بن حرب  ذكر أنه أسلم بمر الظهران  ورسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر عليها وامرأته هند  كافرة ، ومكة  يومئذ دار حرب ، ثم قدم عليها ثم أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم فثبتا على النكاح . وذكر عكرمة بن أبي جهل  وصفوان بن أمية  وزوجتاهما بنحو من هذا المعنى . 
ومن حجة من قال بالقول الأول ظاهر قوله : ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر   ) ، قال : فكل امرأة لا يجوز للمسلم أن يبتدئ عقد نكاحها ، فليس يحل له أن يتمسك بعقد نكاح لا يحل له ابتداؤه في تلك الحال . 
قال : ولا يجوز أن ترجع امرأة المرتد إليه في عدة ولا غير عدة ، إلا بنكاح مستأنف  ، لأن الله عز وجل لما حرم أن يبتدأ نكاح المرتد حتى يسلم كان استدباره كذلك ، والأخبار التي احتج بها من خالف هذا  [ ص: 517 ] القول لا تثبت ، لأنها من أخبار المغازي بأخبار منقطع ، والمنقطع لا يحتج به . 
				
						
						
