ذكر كمال وصف الإيمان 
أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن الكافر إن قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأن كل ما جاء به محمد حق ، وأبرأ من كل دين خالف دين الإسلام ، وهو بالغ صحيح العقل أنه مسلم  ، فإن رجع بعد ذلك فأظهر الكفر كان مرتدا يجب عليه ما يجب على المرتد . 
واختلفوا فيمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولم يزد على ذلك   . 
فكان  الشافعي  يقول : والإقرار بالإيمان وجهان : فمن كان من أهل الأوثان ومن لا دين له يدعي أنه دين نبوة ولا كتاب ، فإذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقد أقر بالإيمان ، ومتى رجع عنه قتل . ومن كان على دين اليهودية والنصرانية فهؤلاء يدعون دين موسى  وعيسى  صلوات الله عليهما ، وقد بدلوا منه وأخذ عليهم فيها الإيمان برسول الله ، فكفروا بترك الإيمان به واتباع دينه ، فقد قيل لي إن منهم من هو مقيم على دينه يشهد أن لا إله إلا الله ويشهد أن محمدا  رسول الله ويقول لم يبعث إلينا ، فإن كان فيهم [أحد] يقول هكذا فقال : هذا لم يكن مستكمل الإقرار بالإيمان حتى يقول : وأن دين محمد  حق أو فرض وأتبرأ ممن خالف دين محمد  أو دين الإسلام ، فإذا قال هذا  [ ص: 522 ] فقد استكمل الإقرار بالإيمان ، وإذا رجع عنه استتيب ، فإن تاب وإلا قتل وإن كانت طائفة منهم تعرفه بأن لا يقر بنبوة محمد  إلا عند الإسلام فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، فقد استكملوا الإقرار بالإسلام ، فإن رجعوا عنه استتيبوا ، فإن تابوا وإلا قتلوا . 
وقال أصحاب الرأي : لو أن نصرانيا قال : أنا مسلم ، سئل : أي شيء أردت بذلك ، فإن قال : أردت بذلك ترك دين النصارى والدخول في دين الإسلام كان بذلك مسلما ، فإن رجع إلى النصرانية كان مرتدا حلال الدم إلا أن يرجع إلى الإسلام ، وإن قال أردت بقولي : أنا مسلم على الحق وإني مسلما لله ، ولم أرد به رجوعا عن ديني لم يكن بذلك مسلما ، وإن لم يسأل عن ذلك حتى جعل يصلي مع المسلمين في مساجدهم الصلاة في جماعة كما يصلي المسلمون ، أو أذن في بعض مساجد المسلمين كان بذلك مسلما ، فإن تنصر بعد ذلك كان مرتدا حلال الدم إلا أن يرجع إلى الإسلام ، وإن مات بعدما قال : إني مسلم مات وهو على دينه ، وإن قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، ولم يقل : إني داخل في الإسلام ولا برئ من النصرانية ولا من اليهودية لم يكن بذلك مسلما إلا أن يصلي مع المسلمين في جماعة أو يؤذن لهم . 
وقال  أحمد بن حنبل  في رجل قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن  [ ص: 523 ] محمدا  رسول الله قال : يجبر على الإسلام ، وأنكر على من يقول : لا يجبر . 
وقال  الشافعي   : ولو شهد عليه شاهدان أنه ارتد مكرها لم يغنم ماله ، ولو قالا : كان آمنا حين ارتد كانت ردة وغنم ماله ، فإن ادعى ورثته أنه رجع إلى الإسلام لم يقبل [منهم] إلا ببينة ، فإن أقاموا بينة أنهم رأوه يصلي صلاة المسلمين قبلت ذلك منهم ، وورثتهم ماله ، ولو كان هذا في بلاد الإسلام والمرتد ليس في حال ضرورة لم أقبل هذا منهم ، حتى يشهد عليه شاهدان بالتوبة بعد الردة ، وقال في كتاب الإمامة : لو أن رجلا كافرا أم قوما مسلمين لم تكن صلاته إسلاما إذا لم يتكلم بالإسلام قبل الصلاة ويعزر الكافر . 
وقال أحمد   : يجبر على الإسلام . وحكى  أبو ثور  عن الكوفي  أنه قال كما قال أحمد   . 
وقال  أبو ثور   : هذا خطأ ، لا يكون الكافر منتقلا عن الكفر إلا بقول أو إظهار ، لأن الكفار قد يصلون مشتهرين .  [ ص: 524 ] 
				
						
						
