باب التلبية. 
 1865  - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي  ، أنا  زاهر بن أحمد  ، أنا  أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي  ، أنا  أبو مصعب  ، عن  مالك،  عن  نافع  ، عن  عبد الله بن عمر  ، أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".  
قال  نافع   : وكان  عبد الله بن عمر  يزيد فيها: " لبيك لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغبى إليك والعمل. 
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه  محمد،  عن  عبد الله بن يوسف  ، وأخرجه  مسلم،  عن  يحيى بن يحيى  ، كلاهما عن  مالك.  
وروي عن سالم  أن  عبد الله بن عمر  ، كان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة  ركعتين، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة، أهل بهؤلاء الكلمات. 
وكان  عبد الله بن عمر  ، يقول: كان  عمر بن الخطاب  يهل بإهلال رسول  [ ص: 50 ] الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات، ويقول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، لبيك، والرغباء إليك والعمل". 
قوله: "لبيك اللهم لبيك"، فيه أربعة أقوال:  أحدها: إجابتي لك يا رب، وإقامتي معك مأخوذ من: ألب بالمكان، وألب به: إذا أقام به، ومعنى التثنية فيه، أي: إجابة بعد إجابة، وإقامة بعد إقامة، كما يقال: حنانيك، أي: رحمة بعد رحمة. 
والثاني معناه: اتجاهي إليك وقصدي، من قولهم: داري تلب دارك، أي تواجهها، والتثنية للتأكيد. 
والثالث: محبتي لك، من قول العرب: امرأة لبة: إذا ما كانت محبة لولدها. 
والرابع: إخلاصي لك، من لب الطعام ولبابه، ثم قلبوا الباء الثانية ياءا طلبا للخفة، كما قالوا: تظنيت، وأصلها: تظننت، وقال العجاج: تقضي البازي إذا البازي كسر. 
وأصله: التقضض.  [ ص: 51 ] 
. 
وقوله: "إن الحمد"، بكسر الألف، ويجوز بالفتح، والكسر أجود. 
قال أبو العباس أحمد بن يحيى:  من كسر، فقد عم، ومن فتح فقد خص، معناه: أنك إذا كسرت "إن"، وقع بها الابتداء، فالحمد والنعمة عم التلبية، وغيرها، وإذا فتحت، رجع الحمد والنعمة إلى التلبية، أي: لبيك بأن الحمد والنعمة في لبيك لك ويحتمل أن يختار الفتح، لأن الوقوف ليس  [ ص: 52 ] بحسن على "لبيك" ولا ردها إلى ما قبلها، فصارت "لبيك" مبتدأ بها، واقعة على أن معناه: لبيك بأن الحمد والنعمة لك فيما وفقتني له من هذه التلبية، والقيام بحق هذه الطاعة. 
والرغباء: الرغبة والمسألة. 
واختلف أهل العلم في وجوب التلبية،  فذهب قوم إلى أنها واجبة، وبه قال  أبو حنيفة  ، وقال: من تركها فعليه دم، وذهب آخرون إلى أنها سنة لا شيء على من تركها، وهو قول  الشافعي   . 
قال  الشافعي   : وأحب أن يقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن زاد زائد شيئا من تعظيم الله، فلا بأس، كما زاد  ابن عمر  في تلبيته. 
قال  الشافعي   : فإذا فرغ من التلبية، صلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وسأل الله رضاه في الجنة، واستعاذ برحمته من النار. 
				
						
						
