باب فيمن طلق البكر ثلاثا.  
 2359  - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي،  أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال،  نا  أبو العباس الأصم.  
ح وأنا أحمد بن عبد الله الصالحي،  ومحمد بن أحمد العارف،  قالا: أنا  أبو بكر الحيري،  نا  أبو العباس الأصم،  أنا  الربيع،  أنا  الشافعي،  أنا  مسلم،  وعبد المجيد،  عن  ابن جريج،  عن  ابن طاوس،  عن أبيه،  أن أبا الصهباء  قال  لابن عباس:   " إنما كانت الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعل واحدة  وأبي بكر  وثلاث من إمارة عمر،  فقال  ابن عباس:  نعم ".  [ ص: 229 ]  . 
هذا حديث صحيح، أخرجه  مسلم،  عن  محمد بن رافع،  عن  عبد الرزاق،  عن  معمر،  عن  ابن طاوس،  عن أبيه،  عن  ابن عباس،  قال: كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم  وأبي بكر،  وسنتين من خلافة عمر  طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: "إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم". 
قال الإمام : اختلف الناس في تأويل هذا الحديث ، لأن نسخ الحكم لا يتصور بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانقطاع الوحي . 
قال أبو العباس ابن سريج :  يمكن أن يكون ذلك في نوع خاص من الثلاث ، وهو أن يقول لها : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، فإن كان قصده الإيقاع بكل لفظة ، تقع الثلاث ، وإن كان قصده التوكيد ، والتكرار ، فلا يقع إلا واحدة ، فكان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعهد  أبي بكر ،  والناس على صدقهم ، وسلامتهم ، لم يظهر فيهم الخب ،  [ ص: 230 ] والخداع ، كانوا يصدقون أنهم أرادوا بها التوكيد ، فلما رأى عمر  في زمانه أمورا ظهرت ، وأحوالا تغيرت ، ألزمهم الثلاث . 
قال الإمام : وهذا بين في قوله : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة . 
ومنهم من تأوله على غير المدخول بها ، فقد روى أيوب  عن غير واحد ، عن  طاوس ،  أن أبا الصهباء  قال  لابن عباس :  أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم  وأبي بكر ،  وصدرا من إمارة عمر ؟  فأقر به  ابن عباس ،  وذهب إلى هذا جماعة من أصحاب  عبد الله بن عباس ،  منهم :  سعيد بن جبير ،   وطاوس ،  وأبو الشعثاء ،   وعمرو بن دينار ،  وقالوا : من طلق البكر ثلاثا ، فهي واحدة . 
وعامة أهل العلم على خلاف قولهم .  [ ص: 231 ]  . 
وإنما اختلفوا فيما إذا قال لغير المدخول بها : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، قاله ثلاثا : فذهب جماعة إلى أنه لا يقع إلا واحدة ، لأنها تبين باللفظة الأولى ، فلا حكم لما بعدها ، وهو قول  سفيان الثوري ،   والشافعي ،  وأصحاب الرأي ،   وأحمد ،  وإسحاق ،  وذهب جماعة إلى وقوع الثلاث كما في المدخول بها ، وهو قول ربيعة ،  ومالك ،   وابن أبي ليلى ،   والأوزاعي ،   والليث بن سعد .  
وتأول بعضهم حديث  ابن عباس  على طلاق البتة ، كان عمر  يراها واحدة ، فلما تتايع الناس فيه ألزمهم الثلاث . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					