المسألة الثالثة  
اتفق أكثر المتكلمين على أن  التكليف لا يتعلق إلا بما هو من كسب العبد من الفعل   وكف النفس عن الفعل فإنه فعل خلافا  لأبي هاشم     -  [1]    - في قوله : إن التكليف قد يكون بأن لا يفعل العبد مع قطع النظر عن التلبس بضد الفعل ، وذلك ليس بفعل .  
 [ ص: 148 ] احتج المتكلمون بأن ممتثل التكليف مطيع ، والطاعة حسنة ، والحسنة مستلزمة للثواب على ما قال تعالى : (  من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها      ) وقال تعالى : (  ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى      ) ولا فعل عدم محض وليس بشيء ، وما ليس بشيء لا يكون من كسب العبد ولا متعلق القدرة ، وما لا يكون من كسب العبد لا يكون مثابا عليه لقوله تعالى : (  وأن ليس للإنسان إلا ما سعى      ) .  
فإن قيل : عدم الفعل وإن لم يكن أمرا وجوديا ولا ذاتا ثابتة ، فإنما يمتنع التكليف به ويمتنع أن يكون الامتثال به طاعة وحسنة مثابا عليها أن لو لم يكن مقدورا للعبد ومكتسبا له ، وهو غير مسلم كما قاله القاضي  أبو بكر  في أحد قوليه  [2]    .  
قال المتكلمون : عدم الفعل من حيث هو كذلك متحقق قبل قدرة العبد  [3] وهو غير مقدور للعبد قبل خلق قدرته وهو مستمر إلى ما بعد خلق القدرة ، فلا يكون مقدورا للعبد ولا مكتسبا له ، ويلزم من ذلك امتناع التكليف به على ما تقرر .  
إلا أن للخصم أن يقول ، لا يلزم من كون عدم الفعل السابق على خلق القدرة غير مقدور أن يكون المقارن منه مقدورا  [4]    .  
				
						
						
