273  - حدثنا  عبدة بن سليمان الكلابي ،  ثنا إسماعيل بن رافع المديني ،  عن محمد بن يزيد بن أبي زياد ،  عن  محمد بن كعب القرظي ،  عن رجل ، من الأنصار ،  عن  أبي هريرة ،  قال : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  " إن الله لما خلق السماوات والأرض ، خلق الصور ، فأعطاه إسرافيل ،  فهو واضعه على فيه ، شاخص بصره إلى العرش ، ينتظر متى يأمره " . 
قال  أبو هريرة :  فقلت : يا رسول الله! ، ما الصور ؟ قال :  [ ص: 284 ]  " القرن يأمر الله إسرافيل  أن ينفخ فيه ثلاث نفخات : 
الأولى : نفخة الفزع ، والثانية : نفخة الصعق ، والثالثة : نفخة القيام لرب العالمين ، فإذا نفخ نفخة البعث ، خرجت الأرواح ، كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض ، فيقول الجبار : " وعزتي وجلالي لترجعن كل روح إلى جسده " ، فتدخل الأرواح في الأرض على الأجساد ، ثم تمشي في الخياشم ، ثم تنشق عنهم الأرض ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ، فيخرجون سراعا إلى ربكم ، ينسلون مهطعين إلى الداع ، يوقفون في موقف واحد مقدار سبعين عاما ، حفاة عراة ، غلفا غرلا ، لا ينظر إليكم ، ولا يقضي بينكم ، ثم يضجون ، فيقولون : من يشفع لنا إلى ربنا ليقضي بيننا ؟ فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم ؟  فيؤتى آدم ،  فيطلب ذلك إليه ، فيأبى ، فيستقرئون الأنبياء ، نبيا نبيا ، كلما جاؤوا نبيا أبى ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : حتى يأتوني ، وإذا جاؤوني ، انطلقت حتى آتي الفحص ، فأخر ساجدا ، فيبعث إلي ، ولي ملكا ، فيأخذ بعضدي ، ويرفعني " . 
قال  أبو هريرة :  فقلت : يا رسول الله! ، وما الفحص ؟ قال : " قدام العرش ، فأقول : يا رب! وعدتني الشفاعة ،  [ ص: 285 ] فشفعني في خلقك ، فاقض بينهم ، فيقول الله - عز وجل - : " أنا آتيكم ، فأقضي بينكم " ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فأرجع ، فأقف مع الناس ، فبينما نحن كذلك وقوفا ، إذ سمعنا حسا من السماء شديدا ، فهالنا ، فينزل أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس ، حتى إذا دنوا من الأرض ، فأشرقت الأرض لنورهم ، وأخذوا مصافهم ، فقالوا : أفيكم ربنا ؟ قالوا لا ، وهو آت علينا ، ثم ينزل أهل السماء الثانية ، بمثلي من نزل من الملائكة ، وبمثلي من فيها من الجن والإنس ، حتى إذا دنوا من الأرض ، أشرقت الأرض لنورهم ، وأخذوا مصافهم ، فقالوا : أفيكم ربنا ؟ قالوا : لا ، وهو آت علينا ، ثم ينزل أهل السماوات ، أهل سماء سماء ، على قدر ذلك من التضعيف ، حتى ينزل الجبار - تبارك وتعالى - في ظل من الغمام ، والملائكة تحمل عرشه ثمانية ، وهم اليوم أربعة ، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى ، والأرضون والسماوات على حجزهم ، والعرش على مناكبهم ، لهم زجل من التسبيح . 
ثم يضع الله عرشه ، حيث يشاء من الأرض ، فيقول : وعزتي وجلالي ، لا يجاوزني أحد اليوم بظلم ، ثم ينادي نداء ، يسمع الخلق كلهم ، فيقول : " إني أنصت لكم منذ خلقتكم ، أبصر أعمالكم ، وأسمع  [ ص: 286 ] قولكم ، فأنصتوا لي ، فإنما هي صحفكم ، وأعمالكم ، تقرأ عليكم ، فمن وجد منكم خيرا ، فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ، فيقضي الله تعالى بين خلقه غير الثقلين : الجن والإنس ، يقيد بعضهم من بعض ، حتى إنه لتقيد الجماء من ذات القرن ، فإذا لم يبق تبعة لواحدة عند أخرى ، قال الله لها : كوني ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا . 
ثم يقضي الله بين الثقلين ، الإنس والجن ، حتى إنه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه ؛ أن يخلص الماء من اللبن ، حتى إذا لم يبق لأحد عند أحد تبعة ، نادى مناد أسمع الخلائق كلهم : ألا! ليلحق كل قوم بآلهتهم ، وما كانوا يعبدون من دون الله ، فلا يبقى أحد عبد دون الله شيئا ، إلا مثلت له الآلهة بين يديه ، ثم يقودهم آلهتهم إلى النار ، وهي التي يقول الله : ( لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها   ) ، ثم يقول الله تعالى لسائر الناس : ألحقوا بإلهكم ، وما كنتم تعبدون ، فيقولون : ما لنا إله إلا الله ، وما كنا نعبد غيره ، فيقول : وهل بينكم وبين ربكم من آية تعرفونها ؟ فيكشف عن ساق ، فيتجلى لهم من عظمة الله ما يعرفون أنه ربهم ، فيخرون سجدا ، ويجعل الله أصلاب المنافقين كصياصي البقر ، فيخرون على أقفيتهم ، ثم يأذن الله أن يرفعوا رؤوسهم ، ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم كقد الشعرة ، أو كحد  [ ص: 287 ] السيف ، له كلاليب وخطاطيف ، وحسك كحسك السعدان ، دونه جسر ، دحض مزلقة ، فيمرون كطرف العين ، وكلمح البرق ، وكمر الريح ، وكأجاويد الخيل ، وكأجاويد الركاب ، وكأجاويد الرجال ، فناج سالم ، وناج مخدوش مكدوش على وجهه ، فيقع في جهنم خلق من خلق الله ، أوبقتهم أعمالهم ، فمنهم من تأخذ النار قدميه لا تجاوز ذلك ، ومنهم من تأخذ إلى نصف ساقيه ، ومنهم من تأخذ إلى حقويه ، ومنهم تأخذ كل جسده ، إلا صورهم حرمها الله على النار . 
فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار ، قالوا : من يشفع لنا إلى ربنا فيدخلنا الجنة ؟ فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم ،  خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من  [ ص: 288 ] روحه ، وكلمه قبلا ، فيؤتى آدم ،  فيطلب ذلك إليه ، فيأبى ، ويقول : عليكم بنوح ،  ثم ذكر رسولا رسولا ، كلهم يأبى ، فيأتوني ، ولي عند ربي ثلاث شفاعات ، وعدني بهن ، فآتي باب الجنة ، فأستفتح فيؤذن لي ، فأدخل الجنة ، فإذا دخلتها نظرت إلى ربي على عرشه ، فخررت ساجدا ، فأسجد ما شاء الله أن أسجد ، فيأذن لي من حمده وتمجيده ، بشيء ما أذن به لأحد من خلقه ، فيقول : " ارفع رأسك يا محمد! ،  واشفع ، تشفع ، وسل تعطه! " ، فأقول : يا رب! من وقع في النار من أمتي!! ، فيقول الله - عز وجل - : " اذهبوا فمن عرفتم صورته ، فأخرجوه من النار " ، فيخرجوا أولئك ، ثم يقول : " اذهبوا ، فمن كان في قلبه مثقال دينار من إيمان ، فأخرجوه من النار " ، ثم يقول : " ثلثي دينار " ، ثم يقول : " نصف دينار " ، ثم يقول : " ثلث دينار " ، ثم يقول : " قيراطا " ، ثم يقول : " من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان " ، قال : فيخرجون أولئك فيدخلون الجنة " .   [ ص: 289 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					