واختلفوا في المعتكف هل يكون له أن يتشاغل وهو في معتكفه بما ليس من أسباب الاعتكاف من الشراء ، والبيع ،  والحديث بسائر أنواع الحديث التي لا آثام فيها ؟ 
فأطلق بعضهم له ذلك ، وممن قال ذلك  أبو حنيفة ،   وأبو يوسف ،  ومحمد ،  فيما حدثنا سليمان ،  عن أبيه ، عن محمد ،  عن  أبي حنيفة ،   وأبي يوسف ،  وعن أبيه ، عن محمد  بذلك . 
وكرهه بعضهم وقال : المعتكف يشتغل باعتكافه ، لا يعرض لغيره مما يشغل به نفسه من التجارات وغيرها وممن قال ذلك  مالك .  حدثنا بذلك يونس ،  عن  ابن وهب ،  عن  مالك   . 
ولما اختلفوا بذلك هذا الاختلاف الذي ذكرنا ، نظرنا هل روي في ذلك شيء يدل ما الواجب الذي اختلفوا فيه من ذلك ؟  [ ص: 477 ]  . 
فأما  أبو حنيفة  فاحتج بذلك بما حدثنا سليمان ،  عن أبيه ، عن محمد ،  عن  أبي يوسف ،  عن  أبي حنيفة  بنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصمت . 
 1087  - حدثنا  محمد بن عبد الحكم ،  قال : حدثنا  عبد الله بن يزيد المقرئ ،  عن  أبي حنيفة ،  عن  عدي بن ثابت ،  عن  أبي حازم ،  عن  أبي الشعثاء ،  عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه " نهى عن الوصال ، وعن صوم الصمت   " . 
وقد وجدنا نحن من بعد هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المعنى الذي ذكرنا ، ما يدل على الوجه فيه وكيف هو ؟ وذلك . 
 1088  - أن فهدا  حدثنا ، قال : حدثنا  أبو اليمان ،  قال : أخبرنا  شعيب بن أبي حمزة ،  عن  الزهري ،  قال : حدثني  علي بن الحسن ،  أن  صفية  زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أخبرته : أنها جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان ، فتحدثت عنده ساعة ، ثم قامت تنقلب ، وقام النبي - صلى الله عليه وسلم - معها يقلبها ، حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند باب  أم سلمة  زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بهما رجلان من الأنصار ،  فسلما على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم بعدا . 
فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : " على رسلكما إنما هي  صفية بنت حيي   " ، فقالا : سبحان الله يا رسول الله ، وكبر ذلك عليهما . 
فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم ، إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا " .  
 1089  - حدثنا  أبو أمية ،  قال : حدثنا  عبد الغفار بن عبد الله ،  عن صالح ،  عن  الزهري ،  عن  علي بن حسين ،  عن  صفية ابنة حيي :  أنها خرجت تزور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو معتكف في المسجد ، فتحدثت عنده ساعة من العشاء ، ثم خرج حتى إذا كان عند باب  أم سلمة  أو باب  عائشة  مر رجلان من الأنصار ،  فسلما . 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " على رسلكما إنما هي  صفية ابنة حيي   " فسبحا وأعظما ذلك ، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا " .   [ ص: 478 ]  . 
فوجدنا في هذا الحديث تشاغل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمحادثة  صفية ،  وبتشييعه إياها إلى باب المسجد وليسا من الاعتكاف ، وهو حينئذ معتكف . 
فعقلنا بذلك أنه لا بأس على المعتكف أن يتحدث ، وأن يفعل في اعتكافه ما ليس بمحرم عليه ، حرمته في نفسه ، ولا بسبب تحريم الاعتكاف إياه عليه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					