تأويل قوله تعالى : ( وللمطلقات متاع بالمعروف   ) الآية .  
قال الله عز وجل : ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين   ) فكان ظاهر هذه الآية على جميع المطلقات ممن قد دخل به ، وممن لم يدخل به ، قد فرض له صداق ، وممن لم يفرض له صداق وقد ذهب إلى ذلك غير واحد من أهل العلم ، ورووا ما ذهبوا إليه من ذلك عن علي  ، والحسن ،  وابن جبير ،   والضحاك بن مزاحم .  
 1896  - كما حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، قال : حدثني  يحيى بن أيوب  ، وموسى بن أيوب الغافقي ،  عن إياس بن عامر ،  أنه سمع  علي بن أبي طالب  ، يقول : لكل مطلقة متعة .  
 1897  - حدثنا  يوسف بن يزيد  ، قال حدثنا  سعيد بن منصور  ، قال حدثنا هشيم  ، قال أخبرنا يونس  ، عن  الحسن  ، أنه كان يقول : لكل مطلقة متاع .  
 [ ص: 367 ]  1898  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال أخبرنا  وهب بن جرير  ، عن  شعبة  ، عن أيوب  ، عن  سعيد بن جبير  ،  ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين   ) ، قال : لكل مطلقة متعة .  
 1899  - حدثنا يوسف ،  قال حدثنا  سعيد بن منصور  ، قال حدثنا هشيم  ، قال أخبرنا جويبر ،  عن الضحاك ،  أنه كان يقول : لكل مطلقة متاع حتى المختلعة .  
وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق قبل الدخول ، وقد فرض لها صداق ، فلها نصف ذلك الصداق ، ولا متعة لها ورووا ما ذهبوا إليه من ذلك عن  ابن عمر  ، والشعبي ،   وعطاء بن أبي رباح ،   والنخعي .  
 1900  - حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  قال : أخبرني  مالك  ، والليث  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، أنه كان يقول :  " لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق وقد فرض لها صداق ، فحسبها نصف صداق ما فرض لها " .  
 1901  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال حدثنا  أبو حذيفة  ، قال حدثنا  الثوري ،  عن  عبيد الله بن عمر  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، قال : لكل مطلقة متعة إلا أن تطلق قبل أن يدخل بها ، وقد فرض لها ، فلا متعة لها إلا نصف الصداق .  
 1902  - حدثنا يوسف ،  قال حدثنا سعيد  ، قال حدثنا هشيم  ، قال أخبرنا  عبد الملك ،  عن  عطاء  ، أنه قال : لكل مطلقة متاع إلا التي طلقها قبل أن يدخل بها وقد فرض لها ، فلها نصف الصداق .  
 [ ص: 368 ]  1903  - حدثنا يوسف ،  قال حدثنا سعيد  ، قال : حدثنا هشيم  ، قال أخبرنا مغيرة  ، عن إبراهيم  ، ومحمد بن سالم  ، عن  الشعبي ،  مثله . 
وقد روي عن شريح  ما يدل على أن مذهبه كان في ذلك كذلك . 
 1904  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال حدثنا  أبو الوليد الطيالسي  ، قال حدثنا  شعبة  ، عن الحكم ،  عن شريح ، .  قال في المرأة إذا طلقها زوجها وقد فرض لها ولم يدخل بها : إن لها في النصف متاعا .  
وقد روي عن  ابن المسيب  في المطلقة قبل الدخول المفروض لها صداق ، أنها قد كانت في أول الإسلام ممن له المتاع بالآية التي في سورة الأحزاب ، وهي عندنا - والله أعلم - قوله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها   ) إلى قوله : ( جميلا   ) وكان ذلك عند سعيد  على أزواجه المدخول بهن وغير المدخول بهن قال : ثم نسخ الله عز وجل حكم المطلقة قبل الدخول ممن قد فرض لها صداقه بالآية التي في سورة البقرة ، وهي قوله عز وجل : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم   ) . 
 1905  - حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي  ، قال حدثنا  أسباط بن محمد  ، قال حدثنا  سعيد بن أبي عروبة  ، عن  قتادة  ، عن  سعيد بن المسيب  ، قال : كان للمطلقة التي لم يدخل بها في سورة الأحزاب المتاع ، فنسختها الآية التي في البقرة ، فصار لها نصف الصداق ، ولا متاع لها فصار مذهبه في تأويل الآية التي تلونا كمذهب  ابن عمر  في وجوب المتع لكل مطلقة  إلا التي طلقت قبل الدخول وقد سمي لها صداق . 
وقد روي عن  ابن عمر  في هذا زيادة على ما رويناه عنه في الفصل الأول ، وهي : 
 1906  - ما حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، قال : أخبرني  ابن لهيعة ،  عن  [ ص: 369 ]  بكير بن عبد الله  ، أن  عبد الله بن عمر  ، قال : ليس من النساء شيء إلا ولها متعة ، إلا الملاعنة ، والمختلعة ، والتي تطلق ولم تمس وقد فرض لها ، فحسبها فريضتها .  
قال  أبو جعفر   : فذهب  ابن عمر  في ذلك إلى إخراج هؤلاء المذكورات في هذا الحديث من أهل المتعة وقد روي عن  الشعبي  في هذا زيادة على ما رويناه عنه في الفصل الأول ، وهي أنه كان لا يرى للمختلعة متعة على زوجها المخالع لها . 
 1907  - حدثنا أحمد بن الحسن  ، قال حدثنا  أسباط بن محمد  ، عن مطرف ،  عن  عامر ،  قال : المختلعة ليس لها متعة ، كيف تمتعها وأنت تأخذ مالها ؟ .  
فعاد قول  الشعبي  بهذا وبما رويناه عنه في هذا الباب أن المختلعة والمطلقة قبل الدخول المفروض لها الصداق ، لا متعة لهما ، ولمن سواهما من المطلقات المتعة . 
 1908  - حدثنا يونس  ، قال حدثنا  ابن وهب  ، قال : أخبرني  يحيى بن أيوب  ، عن  يحيى بن سعيد  ، أنه قال : ما نعلم للمختلعة متعة .  
 1909  - حدثنا يونس  ، قال أخبرنا  ابن وهب  ، قال : سمعت  عمر بن الحارث ،  يقول : سمعت بكيرا ، يقول : أدركت الناس ولا يرون للمختلعة متعة .  
وهذا الذي رويناه من أقوال الصحابة ، والتابعين في المتعة ، لم يرو فيه عن أحد منهم أنه يجب ذلك لمن ذكروه له من المطلقات وجوبا يحكم به لهن على المطلقين ، ولا أن ذلك أمر به لهن اختيارا ، لا حتما على المطلقين ، إذ كان ذلك مذكورا بعقبه التقى والإحسان ، على أنهم إن فعلوا ذلك كانوا متقين ، محسنين ، متبرعين بها ، لا يجب عليهم كوجوب الأصدقة فمن ذلك ما روي عن شريح  فيه . 
 1910  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال حدثنا  أبو عامر  ، قال حدثنا  شعبة  ، عن الحكم ،  قال : جاءت امرأة إلى شريح  تخاصم رجلا في المتعة ، وكان طلقها ، فقرأ شريح :   ( متاع بالمعروف حقا على المتقين   ) فقال له : متعها ، ولم يفرض لها .  
 [ ص: 370 ]  1911  - حدثنا  يوسف بن يزيد  ، قال حدثنا  سعيد بن منصور  ، قال حدثنا هشيم  ، قال أخبرنا  منصور  ، ويونس ،  وهشام ،  عن  ابن سيرين ،  عن شريح ،  أن امرأة خاصمت زوجها إلى شريح  في المتعة ، فقال شريح :  لا تأب أن تكون من المحسنين ، لا تأب أن تكون من المتقين ، ولم يجبره .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					