تأويل قول الله - عز وجل - : ( ولا تقربوهن حتى يطهرن   )  
قال الله - عز وجل - : ( ولا تقربوهن حتى يطهرن   ) ، فقوله : ( حتى يطهرن   ) نهاية لما نهوا عنه لما قد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب من المحيض كما قال - عز وجل - : ( سلام هي حتى مطلع الفجر   ) وكما قال : ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله   ) وكانت هذه نهايات لما قدر الله - عز وجل - فيها ، ولم يبين لنا ما ذلك الطهر ؟ فنظرنا في ذلك فوجدنا  إبراهيم بن مرزوق :  
 173  - قد حدثنا ، قال : حدثنا  أبو حذيفة ،  عن سفيان ،  عن  ابن أبي نجيح ،  عن  مجاهد ،   " ( ولا تقربوهن حتى يطهرن   ) ، قال : " حتى يطهرن من الدم ، فإذا تطهرن ، قال : اغتسلن " . 
ولا نعلم في هذا التأويل اختلافا بين أهل العلم ، وانقطاع الدم وليس بطهر في نفسه لأنها وإن خرجت به من الحيض فإنها غير مباح لزوجها جماعها ، وغير مباح لها الصلاة والطواف بالبيت حتى تغتسل بالماء أو تيمم بالصعيد عند عدم الماء ، وإنما معنى ( حتى يطهرن   )  والله أعلم ، أي : حتى يحل لهن أن يتطهرن بما يطهرن به من الماء أو الصعيد ، لأن المرأة في حال حيضها لو اغتسلت لم تخرج بذلك الغسل إلى طهارة ، وهي بعد انقطاع الدم عنها تكون طاهرا بالغسل بالماء ، وقد جاء مثل هذا في اللغة وفي الكلام المستعمل المتعارف منها ، وهو قولهم للمطلقة : إذا انقضت عدتها قد حلت للرجال ليس على معنى أن وطئها قد حل لهم ، ولأنها صارت بذلك زوجة لبعضهم ، ولا على معنى أنه قد حل لهم تزويجها الذي به تحل لهم حتى تعالى ذلك إلى لغة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله  لفاطمة بنت قيس  في عدتها :  " إذا حللت فآذنيني " . 
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " من كسر أو عرج فقد حل " ليس على معنى أنه قد حل صار حلالا كمن لم يكن محرما ، ولكن على معنى فقد حل له أن يحل أي : يبعث بهدي فيحل به ، ولو كان بعث بهدي بغير كسر ولا عرج ولا عدو فيجزئ عنه لم  [ ص: 128 ] يكن بذلك حلالا فلما كان الكسر والعرج هما يبيحانه أن يبعث بهدي يحل به قيل لهما : أيهما حل له وكذلك المرأة التي كان الاغتسال في حال حيضها لا يطهرها الماء ، وإذا انقطع الدم عنها وصارت في حال من يطهرها اغتسالها قبل لما صارت إليه من ذلك طهرها . 
				
						
						
