وأما ما وجب به أن ما بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر من وقتها فإن يونس :  
 298  - حدثنا ، قال : حدثنا  عبد الله بن يوسف الدمشقي ،  وحدثنا  الربيع المرادي ،  قال : حدثنا شعيب بن الليث ،  قالا : حدثنا  الليث ،  عن  يزيد بن أبي حبيب ،  عن عبيد بن جريج ،  أنه قال  لأبي هريرة -  رضي الله عنه - : " ما إفراط صلاة العشاء ؟ قال : طلوع الفجر " . 
فهذا  أبو هريرة  يقول هذا . وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث  الأعمش  عن  أبي صالح  أن وقت العشاء  إلى نصف الليل ، فاستحال بذلك أن يزيد في وقتها على ما حكيناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه على ذلك أو بما سواه مما يبيح ذلك له فيه . وقد روي عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه في ذلك ما يوافق هذا المعنى . 
 299  - حدثنا  حسين بن نصر ،  قال : حدثنا  أبو نعيم ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن  حبيب بن أبي ثابت ،  عن  نافع بن جبير ،  قال : كتب  عمر بن الخطاب -  رضي الله عنه - إلى أبي موسى  [ ص: 176 ] الأشعري   " وصل العشاء أي الليل شئت ولا تغفلها   " . 
وسأل سائل ، فقال : قد رويتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله ، وأنه صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثليه . ففي هذا ما دل أن وقت الظهر  الذي صلاها فيه في اليوم الثاني هو الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول ، فكان ذلك الوقت وقتا لهما جميعا ؟ . 
فقيل له : ما فيه دليل على ما ذكرت ، لأنه قد يجوز أن يكون على التقريب فيكون صلى العصر في اليوم الأول بعد أن صار الظل مثله ، وصلى الظهر في اليوم الثاني حين قرب أن يصير الظل مثليه ، فجاء بهما جميعا بلفظ واحد أقرب كل واحد منهما من صاحبه ، والعرب تفعل هذا ، قال الله جل ثناؤه : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف   ) وقال : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن   ) ، فكان الوقت الذي أمر فيه - عز وجل - بالإمساك بالمعروف والتسريح بخلاف الوقت الذي أمر فيه بترك العضل لهن عن النكاح ، وقد جاء بهما بلفظ واحد ، والمراد في الحقيقة في كل واحد منهما غير المراد في الآخر منهما . 
فكذلك ما ذكرنا من الوقت الذي صلى فيه عن العصر في اليوم الأول ، والوقت الذي صلى فيه الظهر في اليوم الثاني ، كذلك جاء بهما بلفظ واحد والمراد في كل واحد منهما ما بين هذين وقت . وبقوله : إن للصلاة أولا وآخرا ، ولم يبين لنا - عز وجل - عدد ما في كل صلاة منهن من ركعة ، ثم بينه لنا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 300  - حدثنا يونس ،  قال : أخبرنا  ابن وهب ،  أن  مالكا  حدثه ، عن  صفوان بن سليم ،  عن  عروة ،  عن  عائشة  رضي الله عنها ، قالت : " فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين ، فأقرت في السفر ، وزيد في صلاة الحضر   " . 
 301  - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ،  قال : حدثنا  عبد الله بن مسلمة القعنبي ،  قال : حدثنا  مالك ،  فذكره بإسناده مثله  [ ص: 177 ]  . 
 302  - حدثنا  ابن أبي داود ،  قال : حدثنا  أبو عمر الحوضي ،  قال : حدثنا رجاء بن رجاء ،  قال : حدثنا داود ،  عن  الشعبي ،  عن مسروق ،  عن  عائشة  رضي الله عنها ، قالت : " إن أول ما فرضت الصلاة  فرضت ركعتين ركعتين " ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة  صلى إلى كل صلاة مثلها غير المغرب ، فإنها وتر ، وغير صلاة الصبح لطول قراءتها والله أعلم " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					