تأويل قول الله تعالى : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى   )  
فاختلف أهل العلم في مقام إبراهيم  المذكور في هذه الآية ما هو ؟ فروى  مجاهد  في ذلك ما : 
 303  - حدثنا  ابن أبي داود ،  قال : حدثنا  عبد الله بن محمد بن أسماء ،  قال : حدثنا  عبد الرحمن بن محمد المحاربي ،  عن معمر ،  عن  ابن أبي نجيح ،  عن  مجاهد  في قول الله - عز وجل - : " ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى   )  ، قال : " عرفة وجمع " . 
وخالفه في ذلك أكثر أهل العلم فقالوا هو المقام الذي يصلي إليه الأئمة اليوم واحتجوا في ذلك بما : 
 304  - حدثنا  يزيد بن سنان ،   وإبراهيم بن مرزوق ،  قالا : حدثنا  عبد الله بن بكر السهمي ،  قال : حدثنا  حميد الطويل ،  عن  أنس بن مالك ،  قال : قال  عمر بن الخطاب :   " وافقني ربي في ثلاث .  أو وافقت ربي - عز وجل - في ثلاث ، قلت : يا رسول الله ، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ، فأنزل الله - عز وجل - : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى   ) " . 
قال أحمد :  فلم يكن في هذا ما يجب به الحجة على  مجاهد ،  لأنه لم يبين لنا فيه المقام الذي أراده  عمر  في قوله للنبي صلى الله عليه وسلم : " لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى " قال : هو عرفة  وجمع ،  أو ما سواهما  [ ص: 178 ]  . 
فنظرنا في ذلك هل روي فيه ما يدل على مراد عمر في ذلك ؟ . 
 305  - فحدثنا محمد بن خزيمة ،  قال : حدثنا حجاج ،  قال : حدثنا  حماد بن سلمة ،  عن  حميد ،  عن  أنس ،  أن  عمر ،  قال : " يا رسول الله ، لو صلينا خلف المقام فأنزل الله - عز وجل - : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى   ) " .  
فعلمنا بذلك أن المقام الذي أراده  عمر  هو غير عرفة  وجمع .  وقد روي عن  جابر بن عبد الله ،  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على المراد أيضا . 
 306  - حدثنا  الربيع المرادي ،  قال : حدثنا أسد ،  قال : حدثنا  حاتم بن إسماعيل ،  قال : حدثنا  جعفر بن محمد ،  عن أبيه ، عن  جابر بن عبد الله ،  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ذهب بعد طوافه لحجته إلى المقام ، " فقرأ : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى   )  فجعل المقام بينه وبين البيت " . 
 307  - حدثنا  أبو أمية ،  قال : حدثنا  منصور بن سلمة الخزاعي ،  قال : حدثنا  الليث بن سعد ،  عن  يزيد بن الهاد ،  عن  جعفر بن محمد ،  قال بإسناده مثله وزاد : ورجع صوته . 
ففي هذا الحديث ما دل على أن أصل حديث  أنس  كما في رواية حماد ،  لا كما رواه السهمي ،  وفيه ما يدل على أن الاختيار في القراءة ( واتخذوا   ) كما قرأه  الأعمش ،  وعبد الله بن كثير ،  وعاصم ،   وأبو عمرو ،  وحمزة  لا كما قرأه  نافع   " واتخذوا " ، وينبغي للأئمة أن يلزموا من ذلك ما أمرهم الله - عز وجل - باتخاذه من هذه الآية ، فيكون هو مصلاهم دون ما سواه ، ويكون المقام بينهم وبين البيت .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					