واختص الدين بأحكام : منها جواز  الكفالة به إذا كان دينا صحيحا   وهو ما لا يسقط إلا بالأداء والإبراء ; فلا يجوز ببدل الكتابة ; لأنه يسقط بدونهما بالتعجيز .  
ومنها جواز الرهن به ; 2 - فلا تجوز  الكفالة والرهن بالأعيان الأمانة      3 - والمضمونة بغيرها   [ ص: 7 ] كالمبيع .  
5 - وأما المضمونة بنفسها كالمغصوب وبدل الخلع والمهر وبدل الصلح عن دم العمد والمبيع فاسدا والمقبوض على سوم الشراء ، فتصح الكفالة والرهن بها ; لأنها ملحقة بالديون ، قال  الأسيوطي  رحمه الله معزيا إلى  السبكي  في تكملة شرح المهذب : ( فرع ) : حدث في الأعصار القريبة ;  وقف كتب اشترط الواقف أن لا تعار إلا برهن أو لا تخرج من مكان تحبيسها إلا برهن أو لا تخرج أصلا      .  
6 - والذي  أقول  في هذا : أن الرهن لا يصح بها ; لأنها غير مضمونة في يد الموقوف عليه ، ولا يقال لها عارية أيضا ، بل الأخذ بها إن كان من أهل الوقف استحق الانتفاع ويده عليها يد أمانة .  
فشرط أخذ الرهن عليها فاسد ، وإن أعطاه كان رهنا فاسدا ، ويكون في يد خازن الكتب أمانة ; لأن الفاسد من العقود في الضمان   [ ص: 8 ] كصحيحها ، والرهن أمانة ، هذا إذا أريد الرهن الشرعي ، وإن أريد مدلوله لغة وأن يكون تذكرة ، فيصح الشرط ; لأنه غرض صحيح ، وإذا لم يعرف مراد الواقف فيحتمل أن يقال بالبطلان في الشرط المذكور حملا على المعنى الشرعي ، ويحتمل أن يقال بالصحة حملا على المعنى اللغوي ، وهو الأقرب تصحيحا للكلام ما أمكن ، وحينئذ لا يجوز إخراجها بدونه ، وإن قلنا ببطلانه لم يجز إخراجها به لعذره ولا بدونه ، إما ; لأنه خلاف لشرط الواقف وإما لفساد الاستثناء ، فكأنه قال لا تخرج مطلقا ، ولو قال ذلك صح ; لأنه شرط فيه غرض صحيح ; لأن إخراجها مظنة ضياعها ، بل يجب على ناظر الوقف أن يمكن كل من يقصد الانتفاع بتلك الكتب في مكانها ، وفي بعض الأوقاف يقول لا تخرج إلا بتذكرة وهذا لا بأس به ولا وجه لبطلانه ، وهو كما حملنا عليه قوله إلا برهن في المدلول اللغوي ، فيصح ويكون المقصود أن تجويز الواقف الانتفاع لمن يخرج به مشروط بأن يضع في خزانة الوقف ما يتذكر هو به إعادة الموقوف ; ويتذكر الخازن مطالبته فينبغي أن يصح هذا ، ومتى أخذه على غير هذا الوجه الذي شرطه الواقف يمتنع .  
ولا نقول بأن تلك التذكرة تبقى رهنا بل له أن يأخذها ، فإذا أخذها طالبه الخازن برد الكتاب ويجب عليه أن يرده أيضا بغير طلب ، ولا يبعد أن يحمل قول الواقف الرهن على هذا المعنى حتى يصح إذا ذكره بلفظ الرهن تنزيلا للفظ على الصحة ما أمكن ، وحينئذ يجوز إخراجه بالشرط المذكور ويمتنع لغيره ، لكن لا تثبت له أحكام   [ ص: 9 ] الرهن ولا يستحق بيعه ولا بدل الكتاب الموقوف ، إذا تلف بغير تفريط ، ولو تلف بتفريط ضمنه ، ولكن لا يتعين ذلك المرهون لوفائه ولا يمتنع على صاحبه التصرف فيه ( انتهى ) .  
وقول أصحابنا - لا يصح الرهن بالأمانات - شامل للكتب الموقوفة ، والرهن بالأمانات باطل . فإذا هلك لا يجب شيء بخلاف الرهن الفاسد فإنه مضمون كالصحيح ، وأما وجوب اتباع شرطه وحمله على المعنى اللغوي فغير بعيد . ومنها صحة الإبراء عنه ; فلا يصح  الإبراء عن الأعيان   ، والإبراء عن دعواها صحيح . فلو  قال : أبرأتك عن دعوى هذه العين   صح الإبراء ، فلا تسمع دعواه بها بعده ، ولو قال : برئت من هذه الدار أو من دعوى هذه لم تسمع دعواه وبينته ، ولو قال : أبرأتك عنها أو عن خصومتي فيها فهو باطل ، وله أن يخاصم وإنما أبرأه عن ضمانه ، كذا في النهاية من الصلح وفي كافي  الحاكم  من الإقرار : لا حق لي قبله يبرأ من العين والدين والكفالة والإجارة والحد والقصاص ( انتهى ) . وبه علم أنه يبرأ من الأعيان في الإبراء العام  
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					