454  - ما أنا  محمد بن أحمد بن الحسن  قال ثنا الحسن بن الجهم  قال ثنا الحسين بن الفرج  قال ثنا  محمد بن عمر   : 
أن عبد الله ذا البجادين  من مزينة  كان يتيما لا مال له ، ثم مات أبوه فلم  [ ص: 525 ] يورثه شيئا ، وكان عمه ميلا فأخذه وكفله حتى قد كان أيسر ، وكانت له إبل وغنم ورقيق ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة  جعلت نفسه تتوق إلى الإسلام ، ولا يقدر عليه من عمه ، حتى مضت السنون والمشاهد كلها ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتح مكة  راجعا إلى المدينة  ، فقال عبد الله ذو البجادين  لعمه : يا عم إني قد انتظرت إسلامك ، فلا أراك تريد محمدا  ، فأذن لي في الإسلام  ، فقال : والله لئن اتبعت محمدا  لا أترك بيدك شيئا كنت أعطيتك إلا نزعته منك ، قال عبد العزى   - وهو اسمه يومئذ - فأنا والله متبع محمدا  ، وتارك عبادة الحجر ، هذا ما بيدي فخذه ، فأخذ كل ما كان أعطاه حتى جرده من إزاره ، فأتى أمه فأعطته بجادا لها فشق بجاده باثنين فائتزر بواحد ، واتشح بالآخر ، ثم أقبل المدينة  ، فاضطجع في المسجد في السحر ، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جعل يتصفح الناس لما انصرف من صلاة الصبح ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من أنت ؟ قال : أنا عبد العزى  ، قال : أنت عبد الله ذو البجادين  ، ثم قال : انزل مني قريبا ، فكان يكون من أضيافه صلى الله عليه وسلم ويعلمه القرآن ، حتى قرأ قرآنا كثيرا ، والناس يتجهزون إلى تبوك  ، وكان رجلا صيتا ، وكان يقوم في المسجد فيرفع صوته بالقراءة ، فقال  عمر   : يا رسول الله ألا تسمع إلى صوت هذا الأعرابي ، يرفع صوته بالقرآن ، قد منع الناس القراءة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعه يا  عمر  فإنه خرج مهاجرا إلى الله ورسوله . 
فلما خرجوا إلى تبوك  قال : يا رسول الله ادع لي بالشهادة ، فقال : أبغني لحاء شجرة ، فأبغاه لحاء شجرة ، فربطها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عضده  [ ص: 526 ] وقال : اللهم إني أحرم دمه على الكفار ، فقال : يا رسول الله ليس هذا أردت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك إذا خرجت غازيا في سبيل الله فأخذتك حمى فقتلتك ، فأنت شهيد ، أو وقصتك دابتك فأنت شهيد لا تبال بأيته كان ، فلما نزلوا تبوك  أقاموا بها أياما ، ثم توفي عبد الله ذو البجادين  ؟ 
وكان بلال بن الحارث المزني  يقول : فحضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع بلال المؤذن  شعلة نار عند القبر ، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر ،  وأبو بكر  وعمر  يدليانه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : أدليا إلي أخاكما ، فلما هيأه لشقه في اللحد قال : اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه ، قال ، فقال  ابن مسعود   : يا ليتني كنت صاحب اللحد . 
				
						
						
