أخبرنا أبو خليفة ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا عكرمة بن عمار حدثني طيسلة بن علي البهدلي قال " كنت مع ابن عمر يوما في أصول الأراك يوم عرفة، وبين يديه رجل من أهل العراق، فقال له الرجل: يا ابن المنافق، قال: المنافق، - ويحك! - الذي إذا حدث كذب، وإذا وعد لم ينجز، وإذا اؤتمن لم يؤد ".
سمعت أحمد بن محمد بن الأزهر يقول: سمعت محمد بن خلف بن أبي الأزهر يقول: سمعت الفضيل بن عياض يقول " ما من مضغة أحب إلى الله من لسان صدوق، وما من مضغة أبغض إلى الله من لسان كذوب ".
قال أبو حاتم رضي الله عنه: كل شيء يستعار ليتجمل به سهل وجوده، خلا اللسان، فإنه لا ينبئ إلا عما عود، والصدق ينجي والكذب يردي، ومن غلب لسانه أمره قومه، ومن أكثر الكذب لم يترك لنفسه شيئا يصدق به، ولا يكذب إلا من هانت عليه نفسه.
حدثنا أحمد بن محمد بن زنجويه ، حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا أنس بن عياض ، عن صالح بن حسان عن محمد بن كعب القرظي قال " إنما يكذب الكاذب من مهانة نفسه " وأنشدني الكريزي :
كذبت، ومن يكذب فإن جزاءه إذا ما أتى بالصدق أن لا يصدقا إذا عرف الكذاب بالكذب لم يزل
لدى الناس كذابا، وإن كان صادقا ومن آفة الكذاب نسيان كذبه
وتلقاه ذا فقه إذا كان حاذقا
[ ص: 53 ] قال أبو حاتم: لو لم يكن للكذب من الشين إلا إنزاله صاحبه بحيث إن صدق لم يصدق، لكان الواجب على الخلق كافة لزوم التثبت بالصدق الدائم، وإن من آفة الكذب أن يكون صاحبه نسيا، فإذا كان كذلك كان كالمنادي على نفسه بالخزي في كل لحظة وطرفة.
سمعت أحمد بن محمد بن الأزهر يقول: سمعت نصر بن علي الجهضمي يقول: " إن الله أعاننا على الكذابين بالنسيان" وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي :
إذا ما المرء أخطأه ثلاث فبعه، ولو بكف من رماد
سلامة صدره، والصدق منه، وكتمان السرائر في الفؤاد


