ذكر توجه  عبد الله بن حذافة السهمي  إلى كسرى  بكتاب النبي ، صلى الله عليه وسلم  
ذكر  الواقدي  من حديث  الشفاء بنت عبد الله ،  أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بعث  عبد الله بن حذافة السهمي  منصرفه من الحديبية  إلى كسرى  ، وبعث معه كتابا مختوما فيه : "بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد  رسول الله ، إلى كسرى  عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا  عبده ورسوله ، أدعوك بداعية الله ، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة ، لينذر من كان حيا ،  [ ص: 348 ] ويحق القول على الكافرين ، أسلم تسلم ، فإن أبيت فعليك إثم المجوس . 
قال عبد الله بن حذافة :  فانتهيت به إلى بابه ، فطلبت الإذن عليه ، حتى وصلت إليه ، فدفعت إليه كتاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقرئ عليه ، فأخذه ومزقه ، فلما بلغ ذلك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "مزق الله ملكه" . 
وذكر أيضا من حديث  أبي هريرة  وغيره ، أن كسرى  بينا هو في بيت كان يخلو فيه ، إذا رجل قد خرج إليه وفي يده عصا ، فقال : يا كسرى  ، إن الله قد بعث رسولا ، وأنزل عليه كتابا ، فأسلم تسلم واتبعه يبق لك ملكك . قال كسرى   : أخر هذا عني آثرا ما ، فدعا حجابه وبوابيه فتواعدهم وقال : من هذا الذي دخل علي ؟ قالوا : والله ما دخل عليك أحد ، وما ضيعنا لك بابا ، ومكث حتى كان العام المقبل ، أتاه فقال له مثل ذلك ، وقال : إلا تسلم أكسر العصا ، قال : لا تفعل ، أخر ذلك آثرا ما ، ثم جاء العام المقبل ففعل مثل ذلك ، وضرب بالعصا على رأسه فكسرها ، وخرج من عنده ، ويقال : إن ابنه قتله في تلك الليلة ، وأعلم الله بذلك رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، لحدثان كونه ، فأخبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بذلك رسل باذان إليه . 
وكان باذان  عامل كسرى  على اليمن،  فلما بلغه ظهور النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ودعاؤه إلى الله ، كتب إلى باذان  أن ابعث إلى هذا الرجل الذي خالف دين قومه ، فمره فليرجع إلى دين قومه ، فإن أبى فابعث إلي برأسه - ويروى : وإلا فليواعدك يوما تقتتلون فيه - فلما ورد كتابه إلى باذان ، بعث بكتابه مع رجلين من عنده ، فلما قدما على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أنزلهما وأمرهما بالمقام ، فأقاما أياما ، ثم أرسل إليهما رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ذات غداة ، فقال : "انطلقا إلى باذان فأعلماه أن ربي ، عز وجل ، قد قتل كسرى  في هذه الليلة" ، فانطلقا حتى قدما على باذان  فأخبراه بذلك ، فقال : إن يكن الأمر كما قال ، فوالله إن الرجل لنبي ، وسيأتي الخبر بذلك إلي يوم كذا ، فأتاه الخبر بذلك ، فبعث باذان بإسلامه وإسلام من معه إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .  [ ص: 349 ] 
ويقال : إن الخبر أتاه بمقتل كسرى  وهو مريض ، فاجتمعت إليه أساورته ، فقالوا : من تؤمر علينا ؟ فقال لهم : ملك مدبر ، وملك مقبل ، فاتبعوا هذا الرجل ، وادخلوا في دينه ، وأسلموا . ومات باذان  ، فبعث رؤوسهم إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وفدهم ، يعرفونه بإسلامهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					