220 - فصل  
قولهم : "  ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار   ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل "  
هذا صريح في أنهم لم يملكوا رقابها كما يملكون دورهم ؛ إذ لو ملكوا رقابها لم يكن للمسلمين أن ينزلوها إلا برضاهم كدورهم ، وإنما متعوها إمتاعا ، وإذا شاء المسلمون نزلوها منهم فإنها ملك المسلمين ، فإن المسلمين لما ملكوا الأرض لم يستبقوا الكنائس والبيع على ملك الكفار بل دخلت في ملكهم كسائر أجزاء الأرض ، فإذا نزلها المارة بالليل أو النهار فقد نزلوا في نفس ملكهم .  
فإن قيل : فما فائدة الشرط إذا كان الأمر كذلك ؟ قيل : فائدته أنهم لا يتوهمون بإقرارهم فيها أنها كسائر دورهم ومنازلهم التي لا يجوز دخولها إلا بإذنهم ، فمما يدل على ذلك أنها لو كانت ملكا لهم لم يجز للمسلمين الصلاة فيها إلا بإذنهم ، فإن  الصلاة في ملك الغير بغير إذنه   ورضاه صلاة في المكان المغصوب وهي حرام وفي صحتها نزاع معروف ، وقد صلى      [ ص: 1230 ] الصحابة في كنائسهم وبيعهم .  
واختلفت الرواية عن  أحمد  في كراهة  الصلاة في البيع والكنائس   ، فعنه ثلاث روايات : الكراهة وعدمها والتفريق بين المصورة فتكره الصلاة فيها وغير المصورة فلا تكره ، وهي ظاهر المذهب .  
وهذا منقول عن  عمر  وأبي موسى     .  
ومن كره الصلاة فيها احتج بأنها من مواطن الكفر والشرك فهي أولى بالكراهة من الحمام والمقبرة والمزبلة ، وبأنها من أماكن الغضب ، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في أرض  بابل   ، وقال : "  إنها ملعونة     " فعلل منع الصلاة فيها باللعنة ، وهذه كنائسهم هي مواضع اللعنة      [ ص: 1231 ] والسخطة والغضب ينزل عليهم فيها ، كما  قال بعض الصحابة : " اجتنبوا  اليهود   والنصارى   في أعيادهم فإن السخطة تتنزل عليهم     " ، وبأنها من بيوت أعداء الله ولا يتعبد الله في بيوت أعدائه .  
ومن لم يكرهها قال : قد صلى فيها الصحابة وهي طاهرة وهي ملك من أملاك المسلمين ، ولا يضر المصلي شرك المشرك فيها ، فذلك شرك فيها والمسلم يوحد فله غنمه وعلى المشرك غرمه .  
 [ ص: 1232 ] ومن فرق بين الصورة وغيرها ؛ فذلك لأن الصور تقابل المصلي وتواجهه وهي كالأصنام إلا أنها غير مجسدة ، فهي شعار الكفر ومأوى الشيطان ، وقد كره الفقهاء  الصلاة على البسط والحصر المصورة   كما صرح به أصحاب  أبي حنيفة  وأحمد  ، وهي تمتهن وتداس بالأرجل فكيف إذا كانت في الحيطان والسقوف ؟ !  
				
						
						
