[ ص: 252 ] فمن التأويلات الفاسدة ، تأويل أدلة الرؤية ، وأدلة العلو ، وأنه لم يكلم  موسى   تكليما ، ولم يتخذ  إبراهيم   خليلا ! ثم قد صار لفظ التأويل مستعملا في غير معناه الأصلي .  
فالتأويل في كتاب الله وسنة رسوله      : هو الحقيقة التي يئول إليها الكلام . فتأويل الخبر : هو عين المخبر به ، وتأويل الأمر نفس الفعل المأمور به . كما قالت  عائشة  رضي الله عنها :  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه : ( ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) ) يتأول القرآن     . وقال تعالى :      [ ص: 253 ] هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق      ( الأعراف : 53 ) . ومنه تأويل الرؤيا ، وتأويل العمل ، كقوله :  هذا تأويل رؤياي من قبل      (  يوسف      : 100 ) . وقوله :  ويعلمك من تأويل الأحاديث      ( يوسف : 6 ) . وقوله :  ذلك خير وأحسن تأويلا      ( النساء : 59 ) . وقوله :  سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا      ( الكهف : 78 ) ، إلى قوله :  ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا      ( الكهف : 82 ) ، فمن ينكر وقوع مثل هذا التأويل ، والعلم بما تعلق بالأمر والنهي منه ؟ وأما ما كان خبرا ، كالإخبار عن الله واليوم الآخر ، فهذا قد لا يعلم تأويله ، الذي هو حقيقته ، إذ كانت لا تعلم بمجرد الإخبار ، فإن المخبر إن لم يكن قد تصور المخبر به ، أو ما يعرفه قبل ذلك ، لم يعرف حقيقته ، التي هي تأويله ، بمجرد الإخبار . وهذا هو  التأويل الذي لا يعلمه إلا الله      . لكن لا يلزم من نفي العلم بالتأويل نفي العلم بالمعنى الذي قصد المخاطب إفهام المخاطب إياه ، فما في القرآن آية إلا وقد أمر الله بتدبرها ، وما أنزل آية إلا وهو يحب أن يعلم ما عنى بها ، وإن كان من تأويله ما لا يعلمه إلا الله . فهذا معنى التأويل في الكتاب والسنة وكلام السلف ، وسواء كان هذا التأويل موافقا للظاهر أو مخالفا له .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					