وأما اختلاف الناس في  مسمى النفس والروح      : هل هما متغايران ، أو مسماهما واحد ؟ فالتحقيق : أن النفس تطلق على أمور ، وكذلك الروح ، فيتحد مدلولهما تارة ، ويختلف تارة .  
فالنفس تطلق على الروح ، ولكن غالب ما يسمى نفسا إذا كانت متصلة بالبدن ، وأما إذا أخذت مجردة فتسمية الروح أغلب عليها .  
 [ ص: 568 ] ويطلق على الدم ، ففي الحديث :  ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه     .  
والنفس : العين ، يقال : أصابت فلانا نفس ، أي عين .  
والنفس : الذات ، كقوله تعالى :  فسلموا على أنفسكم      [ النور : 61 ]  لا تقتلوا أنفسكم      [ النساء : 29 ] ونحو ذلك .  
وأما الروح فلا يطلق على البدن ، لا بانفراده ، ولا مع النفس . وتطلق الروح على القرآن ، وعلى  جبريل ،   وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا      [ الشورى : 52 ] .  نزل به الروح الأمين      [ الشعراء : 193 ] .  
ويطلق الروح على الهواء المتردد في بدن الإنسان أيضا .  
وأما ما يؤيد الله به أولياءه ، فهي روح أخرى ، كما قال تعالى :  أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه      [ المجادلة : 22 ] . وكذلك القوى التي في البدن ، فإنها أيضا تسمى أرواحا ، فيقال : الروح الباصر ، والروح السامع ، والروح الشام .  
وتطلق الروح على أخص من هذا كله ، وهو : قوة المعرفة بالله ،      [ ص: 569 ] والإنابة إليه ومحبته وانبعاث الهمة إلى طلبه وإرادته . ونسبة هذه الروح إلى الروح ، كنسبة الروح إلى البدن ، فللعلم روح ، وللإحسان روح ، وللمحبة روح ، وللتوكل روح ، وللصدق روح .  
والناس متفاوتون في هذه الأرواح : فمن الناس من تغلب عليه هذه الأرواح فيصير روحانيا ، ومنهم من يفقدها أو أكثرها فيصير أرضيا بهيميا .  
وقد وقع في كلام كثير من الناس أن لابن آدم ثلاثة أنفس : مطمئنة ، ولوامة ، وأمارة ، قالوا : وإن منهم من تغلب عليه هذه ، ومنهم من تغلب عليه هذه ، كما قال تعالى :  ياأيتها النفس المطمئنة      [ الفجر : 27 ] .  ولا أقسم بالنفس اللوامة      [ القيامة : 2 ] .  إن النفس لأمارة بالسوء      [ يوسف : 53 ] .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					