والوصف بالتكلم   من أوصاف الكمال ، وضده من أوصاف النقص . قال تعالى :  واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا      ( الأعراف : 148 ) . فكان عباد العجل - مع كفرهم - أعرف بالله من  المعتزلة   ، فإنهم لم يقولوا  لموسى      : وربك لا يتكلم أيضا . وقال تعالى عن العجل أيضا :  أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا      ( طه : 89 ) . فعلم أن نفي رجوع القول ونفي التكلم نقص يستدل به على عدم ألوهية العجل .  
وغاية شبهتهم أنهم يقولون : يلزم منه التشبيه والتجسيم ؟ فيقال لهم : إذا قلنا أنه تعالى يتكلم كما يليق بجلاله انتفت شبهتهم . ألا ترى أنه تعالى قال :  اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم      ( يس : 65 ) . فنحن نؤمن أنها تتكلم ، ولا نعلم كيف تتكلم . وكذا قوله تعالى :  وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء      ( فصلت : 21 ) . وكذلك تسبيح الحصا والطعام ،      [ ص: 176 ] وسلام الحجر ، كل ذلك بلا فم يخرج منه الصوت الصاعد من الرئة ، المعتمد على مقاطع الحروف .  
وإلى هذا أشار الشيخ رحمه الله بقوله : منه بدا بلا كيفية قولا ، أي : ظهر منه ولا ندري كيفية تكلمه به . وأكد هذا المعنى بقوله قولا ، أتى بالمصدر المعرف للحقيقة ، كما أكد الله تعالى التكليم بالمصدر المثبت النافي للمجاز في قوله :  وكلم الله موسى تكليما      ( النساء : 164 ) . فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ !      [ ص: 177 ] ولقد قال بعضهم   لأبي عمرو بن العلاء     - أحد القراء السبعة : أريد أن تقرأ : وكلم الله  موسى   ، بنصب اسم الله ، ليكون  موسى   هو المتكلم لا الله ! فقال  أبو عمرو     : هب أني قرأت هذه الآية كذا ، فكيف تصنع بقوله تعالى :  ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه      ( الأعراف : 143 ) ؟ ! فبهت  المعتزلي      !  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					