فلما قضينا عليه الموت قال المفسرون: كانت الإنس في زمان سليمان تقول: إن الجن تعلم الغيب الذي يكون في غد فلما مات سليمان مكث على عصاه حولا ميتا، والجن تعمل تلك الأعمال الشاقة التي كانت تعمل في حياة سليمان ، لا يشعرون بموته حتى أكلت الأرضة عصا سليمان ، فخر ميتا، فعلموا بموته، وعلم الإنس أن الجن لا تعلم الغيب.
فذلك قوله تعالى: ما دلهم على موته إلا دابة الأرض يعني الأرضة، تأكل منسأته يعني عصاه، قال الزجاج : المنسأة التي ينسأ بها، أي: يطرد ويزجر، وأكثر القراء على همزة المنسأة، وقرأ أبو عمرو بغير همز، قال المبرد : بعض العرب يبدل من همزتها ألفا يقولون منساة، وأنشد:
إذا دببت على المنساة من كبر فقد تباعد عنك اللهو والغزل
وقوله: فلما خر أي: سقط ميتا، تبينت الجن أي: ظهرت وانكشفت للناس أنهم لا يعلمون الغيب، ولو كانوا [ ص: 490 ] يعلمون به ما لبثوا في العذاب المهين أي: ما عملوا مسخرين لسليمان ، وهو ميت، وهم يظنون أنه حي.
قال مقاتل : العذاب المهين الشقاء والنصب في العمل.


