أخبرنا أبو الفتح محمد بن علي الكوفي الصوفي ،  أنا أبو القاسم المؤمل بن أحمد الشيباني ،  نا يحيى بن صاعد ،  نا  عمرو بن علي ،  نا  يزيد بن زريع ،  نا  شعبة ،  عن  عبد الملك بن ميسرة ،  عن  طاوس ،  قال : سأل رجل  ابن عباس  عن هذه الآية : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى  فقال  سعيد بن جبير :  قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال  ابن عباس :  عجبت أنه لم يكن بطن من بطون قريش إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة ، وإنما قال : قل لا أسألكم أجرا إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة . 
رواه  البخاري ،  عن  بندار ،  عن  شعبة .  
وقال  الشعبي :  أكثر الناس علينا في هذه الآية ، فكتبنا إلى  ابن عباس  فسأله ، فكتب  ابن عباس :   "إن رسول الله كان أوسط النسب في قريش ، ليس بطن من بطونهم إلا وقد ولدوه ، فقال الله تعالى : قل لا أسألكم  على ما أدعوكم إليه أجرا إلا أن تودوني في قرابتي منكم ، وتحفظوني لها . 
وقال  عكرمة :  لا أسألكم أجرا على ما أدعوكم إليه من الحق ، إلا أن تحفظوني في قرابتي بيني وبينكم ، قال : وليس كما يقول الكذابون . 
 [ ص: 51 ] أخبرنا محمد بن عبد العزيز المروزي  فيما كتب إلي ، أنا  محمد بن الحسين الحدادي ،  أنا محمد بن يزيد بن يحيى ،  أنا إسحاق بن إبراهيم ،  أنا علي بن عبد الله مولى بني قراد ،  عن عبد الكريم وهو أبو أمية ،  قال : سألت مجاهدا  عن هذه الآية ، فقال : " أما إني لا أقول قول الخشبية ، يقول : يا معشر قريش ، لا أسألكم على ما أقول أجرا ، ارقبوني في الذي بيني وبينكم ، لا تعجلوا إلي ، ودعوني والناس" . 
وهذا قول  قتادة ،   ومقاتل ،   والسدي ،   والضحاك ،  وابن زيد ،  ورواية  الوالبي ،  والعوفي ،  عن  ابن عباس .  
وقال  الحسن :  إلا أن توددوا إلى الله تعالى ، فيما يقربكم إليه من العمل الصالح . 
أخبرنا أبو القاسم بن عبدان ،  نا محمد بن عبد الله الضبي ،  حدثني  علي بن حمشاذ ،  نا محمد بن شاذان الجوهري ،  نا  حسن بن موسى الأشيب ،  نا  قزعة بن سويد ،  نا  ابن أبي نجيح ،  عن  مجاهد ،  عن  ابن عباس ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :  " لا أسألكم على ما آتيتكم من البينات والهدى أجرا إلا أن توادوا الله وأن تتقربوا إليه بطاعته "   . 
وفي الآية قول ثالث : 
أخبرنا  أبو حسان المزكي ،  أنا أبو العباس محمد بن إسحاق ،  نا الحسن بن علي بن زياد السدي ،  نا   [ ص: 52 ] يحيى بن عبد الحميد الحماني ،  نا  حسين الأشقر ،  نا قيس ،  نا  الأعمش ،  عن  سعيد بن جبير ،  عن  ابن عباس ،  قال :  " لما نزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى  ، قالوا : يا رسول الله ، من هؤلاء الذين يأمرنا الله تعالى مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وولديهما" .  
أخبرنا أبو بكر بن الحارث ،  أنا  أبو الشيخ ،  نا عبد الله بن محمد بن زكريا ،  نا إسماعيل بن زيد ،  نا قتيبة بن مهران ،  [ ص: 53 ]  نا عبد الغفور أبو الصباح ،  عن  أبي هاشم الرماني ،  عن زاذان ،  عن علي  رضي الله عنه ، قال : فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ، ثم قرأ : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى   وقال  الكلبي :  قل لا أسألكم  على الإيمان جعلا ، إلا أن تودوا أقاربي ، حث الله تعالى الناس عن ذوي قرابته .  
وعلى الأقوال كلها قول : إلا المودة  استثناء ليس من الأول ، وليس المعنى أسألكم المودة في القربى ؛ لأن الأنبياء عليهم السلام لا يسألون أجرا على تبليغ الرسالة ،  والمعنى : ولكني أذكركم المودة في القربى ، وأذكركم قرابتي منكم ، وغلط من قال : إن هذه الآية نسخت ، بقوله : قل ما سألتكم من أجر فهو لكم  ، وقوله : قل ما أسألكم عليه من أجر  لأنه لا يصح أن يقال : نسخت مودة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكف الأذى عنه لأجل قرابته ، ولا مودة آله وأقاربه ، ولا التقرب إلى الله بالطاعة ، ومن ادعى النسخ ، توهم أن الاستثناء متصل ، ورأى إبطال الأجر في هاتين الآيتين ، وليس الأمر على ذلك ، فإن الاستثناء منقطع ، ولا تنافي بين هذه الآية ، والآيتين الأخريين ، وقوله : ومن يقترف حسنة  قال  مقاتل :  يكتسب حسنة واحدة . 
نزد له فيها حسنا  نضاعفها بالواحدة عشرا فصاعدا ، إن الله غفور  للذنوب ، شكور للقليل حتى يضاعفه . 
أم يقولون بل أيقولون ، يعني : كفار مكة ،  افترى على الله كذبا  حين زعم أن القرآن من عند الله ، فإن يشإ الله يختم على قلبك  يربط على قلبك ، بالصبر على أذاهم ، حتى لا يشق عليك قولهم : إنه مفتر . 
ثم أخبر أنه يذهب ما يقولونه باطلا ، فقال : ويمح الله الباطل ويحق الحق  أي : الإسلام ، بكلماته بما أنزله من كتابه ، وقد فعل الله ذلك ، فأزهق باطلهم ، وأعلى كلمة الإسلام ، إنه عليم بذات الصدور  بما في قلوب خلقه . 
وهو الذي يقبل التوبة عن عباده  قال  ابن عباس :  يريد أولياءه ، وأهل طاعته . 
ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون  من خير وشر ، ومن قرأ بالتاء فهو خطاب للمشركين ، وتهديد لهم . 
قوله : ويستجيب الذين آمنوا وعملوا  [ ص: 54 ] الصالحات  يجيبهم إلى ما يسألونه ، وقال  عطاء ،  عن  ابن عباس :  يثبت الله الذين آمنوا  ، ويزيدهم من فضله  سوى ثواب أعمالهم ، تفضلا عليهم . 
وقال أبو صالح  عنه : يشفعهم في إخوانهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					