قد أفلح من تزكى   وذكر اسم ربه فصلى   بل تؤثرون الحياة الدنيا   والآخرة خير وأبقى   إن هذا لفي الصحف الأولى   صحف إبراهيم وموسى   
قد أفلح من تزكى  تطهر من الشرك، وقال: لا إله إلا الله.  
وذكر اسم ربه  بالخوف، فعبده، وصلى له، وهذا قول  عطاء  ، عن  ابن عباس  ، ويدل على صحته ما: 
ما حدثناه أبو إسحاق المقري  ، أنا عبد الله بن حامد  ، أنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني  ، حدثنا  محمد بن عبد الله الحضرمي  ، نا عباد بن أحمد العرزمي  ، نا عمي محمد بن عبد الرحمن  ، عن أبيه، عن  عطاء بن السائب  ، عن  ابن سابط  ، عن جابر  ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أفلح من تزكى  قال: من شهد أن لا إله إلا الله، وخلع الأنداد وشهد أني رسول الله  وذكر اسم ربه فصلى  قال: هي الصلوات الخمس، والمحافظة عليها حين ينادى بها، والاهتمام بمواقيتها". 
وجماعة من المفسرين يحملون الآيتين على زكاة الفطر، وصلاة العيد. قال  الكلبي   : أفلح من تصدق قبل مروره إلى العيد، وصلى مع الإمام، وهو قول  عكرمة  ،  وأبي العالية  ،  وابن سيرين  ،  وابن عمر  ، وروي ذلك مرفوعا: 
أخبرناه أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي  ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن رجاء  ، أنا محمد بن محمد بن سليمان الواسطي  ، نا رحيم  ، نا عبد الله بن نافع  ، عن كثير بن عبد الله بن عمرو  ، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية قد أفلح من تزكى  قال: زكاة الفطر،  وفي غير هذه الرواية، قال: أخرج زكاة الفطر وخرج إلى المصلى فصلى. 
 [ ص: 472 ] وقال نافع   : كان  ابن عمر  إذا صلى الغداة قال: يا نافع  أخرجت الصدقة؟ فإن قلت: نعم، مضى إلى المصلى، وإن قلت: لا، قال: فالآن فأخرج، فإنما نزلت هذه الآية: قد أفلح من تزكى  وذكر اسم ربه فصلى  في هذه الصدقة. 
قوله: بل تؤثرون الحياة الدنيا  قرأه العامة بالتاء، لما روي أن في حرف أبي   : بل أنتم تؤثرون، قال  الكلبي   : تؤثرون عمل الدنيا على عمل الآخرة. وقال  ابن مسعود   : إن الدنيا أحضرت لنا، وعجل طعامها، وشرابها، ونساؤها، ولذتها، وبهجتها، وإن الآخرة زويت عنا، فأخذنا بالعاجل وتركنا الآجل. وقرأ أبو عمرو  يؤثرون بالياء، وقال: يعني الأشقين الذين ذكروا في قوله: ويتجنبها الأشقى   . 
ثم رغب في الآخرة، فقال: والآخرة خير وأبقى   أي: والدار الآخرة، يعني: الجنة، خير أفضل، وأبقى وأدوم من الدنيا   . 
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى  ، أنا أبو بكر عبد الله بن يحيى بن معاوية الطلحي  ، أنا أبو علي الحسين بن جعفر القتات  ، نا أبو نعيم صراد بن صرد  ، نا عبد العزيز  ، عن  عمرو بن أبي عمرو  ، عن  المطلب بن عبد الله  ، عن أبي موسى  ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  "من طلب آخرته أضر بدنياه، ومن طلب دنياه أضر بآخرته،  فآثروا ما يبقى على ما يفنى". 
إن هذا يعني: ما ذكر من عند قوله: قد أفلح  أربع آيات، لفي الكتب الأولى التي أنزلت قبل القرآن، ذكر فيها فلاح المتزكي والمصلي، وإيثار الخلق الدنيا على الآخرة، وأن الآخرة خير، قال  ابن قتيبة   : لم يرد الألفاظ بعينها، وإنما أراد أن الفلاح لمن تزكى، وذكر اسم الله فصلى، في الصحف الأولى  كما هو في القرآن. 
ثم بين أن الصحف الأولى ما هي، فقال: صحف إبراهيم وموسى  يعني: كتبا أنزلت على إبراهيم  ، وتوراة موسى  ، وقال  عكرمة   : هذه السورة في صحف إبراهيم  وموسى   . 
وقال  السدي   : نزلت هذه السورة كلها على موسى  ، وعلى إبراهيم   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					