الثالث :  
هل  قبول الإيمان للزيادة ولنقص   مختص بقول السلف ومن تبعهم من أن الإيمان تدخل فيه الأعمال وذهب إليه جماعة من محققي  الأشاعرة   كالقلانسي  وغيره ، وهو مذهب الفقهاء والمحدثين ، ونقل   الشافعي  على ذلك      [ ص: 431 ] الإجماع ،  وقال   البخاري     : لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص  ، كما تقدم وقد قدمنا من الاحتجاج لذلك من العقل والنقل ما لعله يشفي ويكفي لمن لم تتحكم به علة التقييد ، ونزع من عنقه ربقة التقليد إذ لو لم تتفاوت حقيقة الإيمان وتتفاضل لكان إيمان آحاد الأمة المنهمكين في الفسق ، والمعاصي مساويا لإيمان الأنبياء ، والصديقين ، والملائكة المقربين ، وتصور هذا المذهب ولوازمه يغني عن إقامة البرهان على رده على ما في الآيات الصريحة ، والأحاديث الصحيحة من التفاضل والتفاوت ، فدع عنك هذا التمادي والتهافت ، أو يعم القول بأن الإيمان التصديق أيضا ؟ الحق كما قاله  الإمام النووي  وجماعة محققون من علماء الكلام أن الزيادة والنقصان تدخل الإيمان ولو قلنا إنه التصديق ، والإذعان ; لأن التصديق القلبي يزيد وينقص أيضا بكثرة النظر ووضوح الأدلة وعدم ذلك - كان شكا فمدفوع بأن  مراتب اليقين متفاوتة   إلى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين مع أنها لا شك معها ، وفي القرآن العظيم ما حكى عن  إبراهيم   خليله بقوله :  ولكن ليطمئن قلبي   وتقدمت قصة  موسى   لما رأى قومه عاكفين على عبادة العجل مع ما كان أخبر الله - تعالى - بذلك أولا ، وقال   الإمام أبو حنيفة  وأصحابه ومن تبعهم من المتكلمين : الإيمان لا يزيد ولا ينقص محتجين بأنه اسم للتصديق البالغ بحد الجزم والإذعان . والمعلوم من النقل والعقل خلافه ، وبالله التوفيق .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					