فيقال أيضا : عثمان لم يصر إماما باختيار بعضهم ، بل بمبايعة الناس له ، وجميع المسلمين بايعوا عثمان [ بن عفان ] [1] ، ولم يتخلف [2] عن بيعته أحد .
قال الإمام أحمد في رواية حمدان بن علي [3] : " ما كان في القوم [ ص: 533 ] أوكد بيعة من عثمان [4] كانت بإجماعهم " فلما بايعه ذوو الشوكة والقدرة صار إماما ، وإلا فلو قدر أن عبد الرحمن بايعه ، ولم يبايعه علي ولا غيره من الصحابة أهل الشوكة لم يصر إماما .
ولكن عمر لما جعلها شورى في ستة : عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف ، ثم إنه خرج طلحة والزبير وسعد باختيارهم ، وبقي عثمان وعلي وعبد الرحمن [ بن عوف ] [5] ، واتفق الثلاثة باختيارهم على أن عبد الرحمن [ بن عوف ] [6] لا يتولى ويولي أحد الرجلين ، وأقام عبد الرحمن ثلاثا حلف أنه لم يغتمض فيها بكبير نوم يشاور السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان ، ويشاور أمراء الأنصار ، وكانوا قد حجوا مع عمر ذلك العام ، فأشار عليه المسلمون بولاية عثمان ، وذكر [7] أنهم كلهم قدموا عثمان فبايعوه ، لا عن رغبة أعطاهم إياها ، ولا عن رهبة أخافهم بها .
ولهذا قال غير واحد من السلف والأئمة كأيوب السختياني [8] وأحمد [ ص: 534 ] [ بن حنبل ] [9] ، والدارقطني [10] ، وغيرهم [11] : من لم يقدم عثمان على علي [12] فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار . وهذا من الأدلة الدالة على أن عثمان أفضل لأنهم قدموه باختيارهم واشتوارهم .


