الوجه الثاني : أن يقال : هي من الله خلقا لها [1] في غيره وجعلا لها عملا لغيره ، وهي من العبد فعلا [ له ] قائما به وكسبا يجر به منفعة إليه [2] أو يدفع به مضرة ، وكون العبد هو الذي قام به الفعل ، وإليه يعود حكمه الخاص انتفاعا به أو تضررا [3] ، جهة لا تصلح لله ، فإن الله لا تقوم [ ص: 149 ] به أفعال العباد ، ولا يتصف بها ، ولا تعود إليه أحكامها ، التي تعود إلى موصوفاتها . وكون الرب هو الذي خلقها وجعلها عملا لغيره بخلق قدرة العبد ومشيئته [4] وفعله جهة لا تصلح للعبد ، ولا يقدر على ذلك إلا الله ، ولهذا قال أكثر المثبتين للقدر : إن أفعال العباد مخلوقة لله ، وهي فعل العبد وإذا قيل هي فعل [5] الله فالمراد أنها [6] مفعولة له ، [ لا أنها ] [7] هي الفعل الذي هو مسمى المصدر .
وهؤلاء هم الذين يفرقون بين الخلق والمخلوق ، وهم أكثر الأئمة ، وهو آخر قولي القاضي أبي يعلى وقول أكثر أصحاب [ الإمام ] [8] أحمد [9] وهو قول [ ابنيه يعني ابني القاضي أبي يعلى ] [10] : القاضي أبي حازم [11] و [ القاضي ] أبي الحسين [12] وغيرهما .


