( فصل ) 
قال الرافضي  [1]  : " وفي غزوة خيبر  [2]  . كان الفتح فيها على يد أمير المؤمنين ، ودفع الراية [3]  . إلى  أبي بكر  فانهزم ، ثم إلى  عمر  فانهزم ، ثم إلى  علي  وكان أرمد [4]  . ، فتفل في عينيه [5]  . ، وخرج فقتل مرحبا ، فانهزم الباقون ، وغلقوا عليهم الباب ، فعالجه أمير المؤمنين فقلعه ، وجعله [6]  . جسرا على الخندق  ، وكان الباب يغلقه عشرون رجلا ، ودخل المسلمون الحصن ونالوا الغنائم ، وقال - عليه السلام : والله ما قلعه بقوة خمسمائة رجل ولكن بقوة  [ ص: 123 ] ربانية [7]  . ، وكان فتح مكة بواسطته " . 
والجواب : بعد أن يقال : لعنة الله على الكاذبين [8]  . ، أن يقال : من ذكر هذا من علماء النقل ؟ وأين إسناده وصحته ؟ وهو من الكذب ; فإن خيبر  لم تفتح كلها في يوم واحد ، بل كانت حصونا متفرقة ، بعضها فتح عنوة ، وبعضها فتح صلحا ، ثم كتموا ما صالحهم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فصاروا محاربين ، ولم ينهزم فيها  أبو بكر  ولا  عمر   . 
وقد روي أن  عليا  اقتلع باب الحصن ، وأما جعله جسرا فلا . 
وقوله : " كان فتح مكة بواسطته " . 
من الكذب أيضا ; فإن  عليا  ليس له في فتح مكة  أثر أصلا ، إلا كما لغيره ممن شهد الفتح . 
والأحاديث الكثيرة المشهورة في غزوة الفتح تتضمن هذا . وقد عزم  علي  على قتل حموين لأخته أجارتهما أخته  أم هانئ  ، فأجار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجارت . وقد هم بتزوج [9]  . بنت أبي جهل  ، حتى غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - فتركه . 
وفي الصحيحين [10]  . عن  أبي هريرة  قال [11]  : كنا يوم الفتح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل  خالد بن الوليد  على المجنبة اليسرى ،  [ ص: 124 ] وجعل  الزبير  على المجنبة اليمنى [12]  . ، وجعل أبا عبيدة  على البياذقة  [13]  " . وبطن الوادي   . فقال : " يا أبا هريرة ادع لي الأنصار   " ، فجاءوا [14] يهرولون ، فقال : " يا معشر الأنصار   : هل ترون أوباش قريش ؟  " قالوا : نعم . قال : " انظروا إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا  " وأحفى [15]  " . بيده ، ووضع يمينه على شماله ، وقال : " موعدكم الصفا  " فما أشرف يومئذ [ لهم ] [16]  . أحد إلا أناموه [17]  " . . قال : فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصفا  ، وجاءت الأنصار  ، فأطافوا بالصفا  ، فجاء  أبو سفيان  فقال : يا رسول الله : أبيدت خضراء قريش  ، لا قريش  بعد اليوم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " من دخل دار  أبي سفيان  فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن  " . 
وفي الصحيحين [18]  . من حديث  عروة بن الزبير  قال : " لما سار رسول  [ ص: 125 ] الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح ، فبلغ ذلك قريشا  ، خرج  أبو سفيان بن حرب  ،  وحكيم بن حزام  ، وبديل بن ورقاء  يلتمسون الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مر الظهران  ، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة  ، فقال  أبو سفيان   : ما هذه ، لكأنها [19] نيران عرفة  ؟ فقال بديل بن ورقاء   : نيران بني عمرو    . فقال  أبو سفيان   : عمرو  أقل من ذلك . فرآهم ناس من حرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدركوهم ، فأخذوهم ، فأتوا بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم  أبو سفيان   . فلما سار قال  للعباس   : " أمسك [20]  .  أبا سفيان  عند خطم الجبل  [21]  . حتى ينظر إلى المسلمين  " فحبسه  العباس  ، فجعلت القبائل تمر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - كتيبة كتيبة [22]  . على  أبي سفيان  ، فمرت كتيبة ، فقال : يا  عباس  من هذه ؟ قال : [ هذه ] [23]  . غفار   . قال : مالي ولغفار  ؟ ثم مرت جهينة  ، فقال مثل ذلك [24]  . ثم مرت سعد بن هذيم  ، فقال  [ ص: 126 ] مثل ذلك . ثم مرت سليم  ، فقال مثل ذلك ، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها . قال : من هؤلاء ؟ قال : الأنصار  [25] عليهم  سعد بن عبادة  ، معه الراية . فقال  سعد بن عبادة   : يا  أبا سفيان  اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الكعبة  ، فقال  أبو سفيان   : يا  عباس  حبذا [26] يوم الذمار [27]  . ، ثم جاءت كتيبة ، وهي أقل الكتائب ، فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وراية النبي - صلى الله عليه وسلم - مع  الزبير  ، فلما مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي سفيان  قال : ألم تعلم ما قال  سعد بن عبادة  ؟ قال : " وما قال " ؟ قال : قال كذا وكذا . فقال : " كذب سعد  ، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة  [28] ويوم تكسى فيه الكعبة   " ثم أمر أن تركز رايته بالحجون   . 
				
						
						
