فصل 
قال الرافضي  [1]  : " الثاني : أنا [2] قد بينا أنه يجب في كل زمان إمام معصوم  ، ولا معصوم غير هؤلاء إجماعا " [3]  . 
والجواب من وجوه : أحدها : منع [4] المقدمة الأولى كما تقدم . 
والثاني : منع طوائف لهم المقدمة الثانية [5]  . 
 [ ص: 261 ] الثالث [6]  : أن هذا المعصوم الذي يدعونه في وقت ما له مذ ولد عندهم أكثر من [7] أربعمائة وخمسين سنة ; فإنه دخل السرداب عندهم سنة ستين ومائتين ، وله خمس سنين عند بعضهم ، وأقل من ذلك عند آخرين [8] ، ولم يظهر عنه شيء مما يفعله أقل الناس تأثيرا [9] ، مما يفعله آحاد الولاة والقضاة والعلماء ، فضلا عما يفعله الإمام المعصوم . فأي منفعة للوجود [10] في مثل هذا لو كان موجودا ؟ فكيف إذا كان معدوما ؟ ! 
والذين آمنوا بهذا المعصوم ، أي لطف وأي منفعة [11] حصلت لهم به نفسه في دينهم أو دنياهم ؟ ! 
وهل هذا إلا أفسد مما يدعيه كثير من العامة في القطب والغوث ونحو ذلك من أسماء يعظمون مسماها ، ويدعون في مسماها [12] ما هو أعظم من رتبة [13] النبوة ، من غير تعيين لشخص معين يمكن أن ينتفع به الانتفاع المذكور في مسمى هذه الأسماء . 
 [ ص: 262 ] وكما يدعي كثير منهم حياة الخضر ، مع أنهم لم يستفيدوا بهذه الدعوى منفعة : لا في دينهم ، ولا في دنياهم . 
وإنما غاية من يدعي ذلك أن يدعي جريان بعض ما يقدره [14] الله على يدي [15] مثل هؤلاء . وهذا مع أنه [16] لا حاجة لهم به ، فلا حاجة بهم [17] إلى معرفته ، ولم ينتفعوا بذلك لو كان حقا ، فكيف إذا كان ما يدعونه باطلا ؟ ! 
ومن هؤلاء من يتمثل له الجني في صورة ، ويقول : أنا الخضر  ، ويكون كاذبا . وكذلك الذين يذكرون رجال الغيب ورؤيتهم إنما رأوا الجن ، وهم رجال غائبون ، وقد يظنون أنهم إنس . وهذا قد بيناه في مواضع تطول حكايتها مما تواتر عندنا . 
وهذا الذي تدعيه الرافضة  إما مفقود عندهم ، وإما معدوم عند العقلاء . وعلى التقديرين فلا منفعة لأحد به ، لا في دين ولا [ في ] دنيا [18]  . فمن علق به دينه بالمجهولات التي لا يعلم ثبوتها [19] كان ضالا في دينه ; لأن ما علق به دينه لم يعلم صحته ، ولم يحصل له به منفعة ، فهل يفعل مثل هذا إلا جاهل ؟ ! 
لكن الذين يعتقدون حياة الخضر لا يقولون : إنه يجب على الناس طاعته ، مع أن الخضر  كان حيا موجودا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					