[ ص: 243 ] قالوا : وقوله على لسان داود النبي صلى الله عليه وسلم : " روحك القدس لا تنزع مني   " . 
فيقال : هذا دليل على أن روح القدس كانت في داود ،  فعلم بذلك أن روح القدس التي كانت في المسيح  من هذا الجنس ، فعلم بذلك أن روح القدس لا تختص بالمسيح ،  وهم يسلمون ذلك ، فإن ما في الكتب التي بأيديهم في غير موضع أن روح القدس حلت في غير المسيح  في داود ،  وفي الحواريين ، وفي غيرهم . 
وحينئذ فإن كان روح القدس هو حياة الله ومن حلت فيه يكون لاهوتا ، لزم أن يكون إلها ولزم أن يكون كل هؤلاء فيهم لاهوت وناسوت كالمسيح ،  وهذا خلاف إجماع المسلمين والنصارى  واليهود   . 
ويلزم من ذلك أيضا أن يكون المسيح  فيه لاهوتان الكلمة وروح القدس ، فيكون المسيح  مع الناسوت أقنومين : أقنوم الكلمة ، وأقنوم روح القدس ، وأيضا فإن هذه ليست صفة لله قائمة به ، فإن صفة الله القائمة به ، بل وصفة كل موصوف لا تفارقه وتقوم بغيره ، وليس في  [ ص: 244 ] هذا أن الله اسمه روح القدس ، ولا أن حياته اسمها روح القدس ولا أن روح القدس الذي تجسد المسيح  منه ، ومن مريم  هو حياة الله سبحانه و - تعالى - ، وأنتم قلتم إنا معاشر النصارى  لم نسمه بهذه الأسماء من ذات أنفسنا ، ولكن الله سمى لاهوته بها ، وليس فيما ذكرتموه عن الأنبياء أن الله سمى نفسه ، ولا شيئا من صفاته بروح القدس ، ولا سمى نفسه ولا شيئا من صفاته ابنا فبطل تسميتكم لصفته التي هي الحياة بروح القدس ولصفته التي هي العلم بالابن . 
وأيضا فأنتم تزعمون أن المسيح  مختص بالكلمة والروح ، فإذا كانت روح القدس في داود   - عليه السلام - والحواريين  وغيرهم ، بطل ما خصصتم به المسيح ،  وقد علم بالاتفاق أن داود  عبد لله عز وجل ، وإن كانت روح القدس فيه . 
وكذلك المسيح  عبد لله وإن كانت روح القدس فيه ، فما ذكرتموه عن الأنبياء حجة عليكم لأهل الإسلام لا حجة لكم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					