[ ص: 449 ] وقد نقل الناس صفاته الظاهرة الدالة على كماله ، ونقلوا أخلاقه من حلمه وشجاعته وكرمه وزهده وغير ذلك ، ونحن نذكر بعض ذلك .
ففي الصحيحين عن البراء بن عازب ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها ، وأحسنهم خلقا ، ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير " .
وعنه قال : " كان بعيد ما بين المنكبين ، عظيم الجمة إلى [ ص: 450 ] شحمة أذنيه ، عليه حلة حمراء ، ما رأيت شيئا قط أحسن منه " .
وفي البخاري : وسئل البراء : "أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف ، قال : لا ، بل مثل القمر" .
وفي الصحيحين من حديث كعب بن مالك قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه ، حتى كأنه فلقة قمر " .
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس والقدمين ، لم أر قبله ولا بعده مثله ، وكان بسط الكفين ضخم اليدين " .
[ ص: 451 ] وسئل عن شعره ، فقال : " كان شعرا رجلا ، ليس بالجعد ولا بالسبط ، بين أذنيه وعاتقه " .
وفي الصحيحين عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة ، قال : " كان رسول الله ضليع الفم ، أشكل العينين ، منهوس العقبين " ، وفسرها سماك بن حرب فقال : واسع الفم ، طويل شق العين ، قليل لحم العقب .
[ ص: 452 ] وفي الصحيحين عن أنس ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ، ولا بالأبيض الأمهق ولا بالآدم ، ولا بالجعد القطط ولا بالسبط " .
وفي الصحيحين عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون ، كأن عرقه اللؤلؤ ، إذا مشى تكفأ ، وما مسست ديباجة ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت مسكا ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله .
[ ص: 453 ] صلى الله عليه وسلم " .
وروى الدارمي عن ابن عباس ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثنيتين ، إذا تكلم رئي النور يخرج من ثناياه " .
وروي عن ابن عمر ، قال : " ما رأيت أحدا أنجد ولا أجود ولا [ ص: 454 ] أشجع ولا أضوأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وعن أنس قال : " دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عندنا ، فعرق ، وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها ، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أم سليم ، ما هذا الذي تصنعين ؟ ! قالت : هذا عرقك نجعله في طيبنا ، وهو أطيب من الطيب " ، أخرجاه في الصحيحين .
وروى الدارمي عن جابر ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 455 ] لا يسلك طريقا فيتبعه أحد ، إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرقه " .
وفي حديث أم معبد المشهور ، لما مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة هو وأبو بكر ، ومولاه ، ودليلهم ، وجاء زوجها فقال : صفيه لي يا أم معبد ، فقالت : " رأيت رجلا ظاهر الوضاءة ، حلو المنطق ، فصل لا نزر ولا هذر ، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن " .
[ ص: 456 ] وروى أبو زرعة عن محمد بن عمار بن ياسر ، قالت : قلت للربيع بنت معوذ بن عفراء : صفي لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : " يا بني ، لو رأيته رأيت الشمس طالعة " .
وفي الصحيحين عن أنس ، قال : " كان رسول الله أحسن الناس ، وكان أجود الناس ، وكان أشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم [ ص: 457 ] رسول الله راجعا ، وقد سبقهم إلى الصوت ، وقد استبرأ الخبر ، وهو على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول : لن تراعوا ، وقال : " وجدناه بحرا " ، وكان الفرس قبل ذلك بطيئا فعاد لا يجارى " .
وفي الصحيحين عن ابن عباس ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة " .
وفي الصحيحين عن البراء بن عازب قال : " كنا إذا احمر [ ص: 458 ] البأس نتقي به ، وإن الشجاع منا الذي يحاذي به ( يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
وعن علي بن أبي طالب ، قال : " لما كان يوم بدر اتقينا المشركين برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أشد الناس بأسا ، وما كان أحد أقرب إلى العدو منه " ذكره البيهقي بإسناد صحيح .
وفي الصحيحين عن أنس ، قال : " خدمت رسول الله عشر سنين ، والله ما قال لي ( أفا ) قط ، ولا قال لي [ ص: 459 ] لشيء : لم فعلت كذا ؟ وهلا فعلت كذا ؟ " .
وفي رواية في الصحيحين أيضا قال : " خدمته في السفر والحضر ، والله ما قال لي لشيء صنعته : لم صنعت هذا هكذا ؟ ولا لشيء لم أصنعه : لم لم تصنع هذا هكذا ؟ وكان أحسن الناس خلقا " .
وفي الصحيحين عن جابر ، قال : " ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، فقال : لا " .
وفي الصحيحين عن أنس قال : " ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه ، قال : فجاءه رجل فأعطاه [ ص: 460 ] غنما بين جبلين ، فرجع إلى قومه فقال : يا قوم ، أسلموا ، فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة " .
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه " .
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو ، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لم يكن فاحشا ولا متفحشا " .
[ ص: 461 ] وروى البخاري عن أنس قال : " لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا ولا لعانا ، كان يقول لأحدنا عند المعتبة : ما له تربت جبينه " .
وفي صحيح مسلم عن عائشة أنها قالت : " ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثما ، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط ، إلا أن تنتهك حرمة الله " . .
وعنها قالت : " ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط ، لا امرأة ولا خادما ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه ، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله " .
[ ص: 462 ] وروى مسلم في صحيحه عنها ، وقد سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : " كان خلقه القرآن " .
وروى أبو داود الطيالسي عن شعبة ، حدثنا أبو إسحاق ، حدثنا أبو عبد الله الجدلي ، قال : سمعت عائشة ، وسألها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : " لم يكن فاحشا ولا متفحشا ، ولا سخابا في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح ، أو يغفر " شك أبو داود .
[ ص: 463 ] ورواه الحاكم في مستدركه على الصحيحين .
وفي الصحيحين عن علقمة ، قال : سألت عائشة : كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل كان يخص شيئا من الأيام ؟ قالت : " لا ، كان عمله ديمة ، وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع " .
وروى مسلم في صحيحه عن سعد بن هشام ، وقد سأل عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 464 ] فقالت : " ألست تقرأ القرآن ؟ قال : بلى ، قالت : فإن خلق نبي الله القرآن " .
وفي صحيح الحاكم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعثت لأتمم صالح الأخلاق .
وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة ، قال : " قام رسول الله حتى تورمت قدماه ، فقيل : يا رسول الله ، أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : " ما عاب رسول الله [ ص: 465 ] صلى الله عليه وسلم طعاما قط ، إن اشتهاه أكله ، وإلا تركه " .
وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وأبو الشيخ الأصبهاني من حديث بهز بن حكيم ، عن أبيه عن جده ، أن أخاه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " جيراني على ما أخذوا " ، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إن الناس يزعمون أنك نهيت عن الغي ، ثم تستخلي به " ، فقال : " لأن [ ص: 466 ] كنت أفعل ذلك أنه لعلي وما هو عليهم ، خلوا له جيرانه " .
وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي عن أنس بن مالك قال : " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا ، لما يعلمون من كراهته لذلك " رواه عن عبد الرحمن بن مهدي : ثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عنه .
وروى عنه أبو نعيم وأبو الشيخ ، وغيرهما ، عن ابن عباس : " أن الله أرسل إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ملكا من الملائكة معه جبريل ، فقال : الملك : " إن الله خيره بين أن يكون عبدا وبين أن يكون ملكا [ ص: 467 ] نبيا ، قال : فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كالمستشير ، فأشار جبريل بيده : أن تواضع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا بل أكون عبدا نبيا رواه النسائي والبخاري في تاريخه .
وفي صحيح مسلم عن أنس قال : " كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ فنظر الغلام إلى أبيه فقال له أبوه : " أطع أبا القاسم " ، فأسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي أنقذه بي من النار .
وعن أبي حازم أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم [ ص: 468 ] رجلا فأرعد ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هون عليك ، فإني لست بملك ، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد رواه ابن الجوزي من طرق بعضها متصل عن ابن مسعود ، قال ابن الجوزي : " وروي متصلا " ، والصواب إرساله كما تقدم .
[ ص: 469 ] وفي الصحيح عن أنس : " أن امرأة كان في عقلها شيء ، قالت : يا رسول الله ، إن لي إليك حاجة . قال : " يا أم فلان ، خذي في أي الطرق شئت ، قومي فيه حتى أقوم معك " ، فخلا معها يناجيها حتى قضت حاجتها " رواه مسلم .
وعن أنس قال : " كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتدور به في حوائجها حتى تفرغ ، ثم يرجع " رواه البخاري في الأدب .
[ ص: 470 ] وروي عن ابن أبي أوفى قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته " .
وعنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر ، ويقل اللغو ، ويطيل الصلاة ، ويقصر الخطبة ، ولا يستنكف أن يمشي مع العبد ولا مع الأرملة ، حتى يفرغ من حاجتهم " ورواه الدارمي ، والحاكم في صحيحه .
وروى أبو داود الطيالسي عن أنس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار ، ويلبس الصوف ، ويجيب دعوة [ ص: 471 ] المملوك ، ولقد رأيته يوم خيبر على حمار خطامه ليف " .
وروى مسلم في صحيحه عن أنس ، قال : " ما رأيت أرحم بالعيال من رسول الله " .
وروى البخاري عنه ، قال " مر رسول الله على صبيان فسلم عليهم .
وروى ابن عباس ، قال : " كان رسول الله يجلس على الأرض ، ويأكل على الأرض ، ويعتقل الشاة ، ويجيب دعوة المملوك " .
وعن قدامة بن عبد الله : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 472 ] على بغلة شهباء ، لا ضرب ولا طرد ولا إليك " رواهما أبو الشيخ .
وعن عائشة قالت : " ما رأيت رسول الله قط مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يبتسم ، وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه ، فقلت : يا رسول الله ، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ، قال : يا عائشة ، وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ؟ قد عذب قوم بالريح ، وقد أتى العذاب قوما ، وتلا قوله تعالى :
( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ) .
أخرجاه في الصحيحين .
[ ص: 473 ] وفي الصحيحين - أيضا - عن أنس قال : " كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذا شديدا ، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد ، مر لي من مال الله الذي عندك ، قال : فالتفت إليه رسول الله فضحك ، ثم أمر له بعطاء " .
وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت قام ، وكانوا يتحدثون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم " .
[ ص: 474 ] وفي رواية أخرى صحيحة : " كان طويل الصمت ، قليل الضحك ، وكان أصحابه ربما تناشدوا عنده الشعر ، والشيء من أمورهم ، فيضحكون ويتبسم " .
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها ، وسألها الأسود : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله ؟ فقالت : " كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج " .
ومن رواية عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة .
، [ ص: 475 ] قال : " سأل رجل عائشة ; هل كان يعمل في بيته ؟ فقالت : كان يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته " .
وروى الطيالسي : ثنا شعبة ، ثنا الأعور ، قال : سمعت أنسا يقول : " كان رسول الله يركب الحمار ، ويلبس الصوف ، ويجيب دعوة المملوك ، ولقد رأيته يوم خيبر على حمار خطامه من ليف " .
وروى مسلم في صحيحه عن أنس ، قال : " ما رأيت أحدا أرحم بالعيال من رسول الله " .
وروى عنه البخاري قال : " مر رسول الله على صبيان ، فسلم عليهم " .
[ ص: 476 ] وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام من خبز بر تباعا ، حتى مضى لسبيله " .
وعنها قالت : " كنا آل محمد صلى الله عليه وسلم يمر بنا الهلال والهلال ، ما نوقد بنار لطعام ، إلا أنه التمر والماء ، إلا أنه حولنا أهل دور من الأنصار ، فيبعث أهل كل دار بفريزة شاتهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب من ذلك اللبن " أخرجاه في الصحيحين .
وفي صحيح البخاري ، قال أنس : " ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رغيفا مرققا ، حتى لحق بالله ، ولا رأى شاة [ ص: 477 ] سميطا بعينه قط " .
وفي صحيح البخاري عنه : " ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان ، ولا في سكرجة ، ولا خبز له مرقق " . فقيل له : على ما كانوا يأكلون ؟ قال : " على السفر " .
وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب : أنه خطب وذكر ما فتح على الناس ، فقال : " لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوى يومه من الجوع ما يجد من الدقل ما يملأ بطنه " .
[ ص: 478 ] وفي صحيح البخاري عن أنس : " أنه مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير ، وإهالة سنخة ، ولقد رهن درعه عند يهودي فأخذ لأهله شعيرا ، ولقد سمعته يقول : ما أمسى عند آل محمد صاع بر ولا صاع حب ، وإنهم يومئذ تسعة أبيات .
وفيه عن عائشة ، قالت : " كان فراش رسول الله من أدم حشوه ليف " .
وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه - لما ذكر اعتزال رسول الله نساءه - قال : " فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خزانته ، فإذا هو مضطجع على حصير ، فأدنى إليه إزاره وجلس ، وإذا الحصير قد أثر بجنبه ، وقلبت عيني في بيته فلم أجد شيئا يرد البصر غير قبضة من شعير [ ص: 479 ] وقبضة من قرظ نحو الصاعين ، وإذا أفيق معلقة ، فابتدرت عيناي ، فقال رسول الله : ما يبكيك يا ابن الخطاب ؟ فقلت : يا رسول الله ، وما لي لا أبكي وأنت صفوة الله ورسوله وخيرته من خلقه ، وهذه خزانتك ، وهذه الأعاجم كسرى وقيصر في الثمار والأنهار ! فقال : أو في شك أنت يا ابن الخطاب ؟ ! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ، وفي رواية أو ما ترضى أن تكون لهم الدنيا ، ولنا الآخرة ؟ قال : بلى ، قال : فالحمد لله عز وجل . قال : " فقلت : أستغفر الله " .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا .
[ ص: 480 ] وروى الطيالسي بإسناد صحيح عن ابن مسعود ، قال : " اضطجع النبي على حصير ، فأثر الحصير بجلده ، فجعلت أمسحه عنه وأقول : " بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ألا آذنتنا فنبسط لك شيئا يقيك منه تنام عليه ؟ " فقال : " ما لي وللدنيا ، ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ، ثم راح وتركها " .
ورواه الحاكم في صحيحه عن ابن عباس أن عمر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر نحوه .
[ ص: 481 ] وفي الترمذي عن أنس بن مالك ، قال : " حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رث وقطيفة " ، ورواه البخاري - أيضا - عن أنس في ( كتاب الحج ) فقال : " حج أنس على رحل رث ، ولم يكن شحيحا ، وحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم حج على رحل ، وكانت زاملته " .
وفي صحيح الحاكم عن أنس : أن النبي صلى الله عليه [ ص: 482 ] وسلم لبس خشنا ، وأكل خشنا ، ولبس الصوف ، واحتذى المخصوف . قيل : للحسن : ما الخشن ؟ قال : " غليظ الشعير ، ما كان يسيغه إلا بجرعة ماء " .


