( فصل ) : الملاحدة خمس طوائف في توحيد المعرفة والإثبات .  
والملاحدة في توحيد المعرفة والإثبات   فرق كثيرة وأشياع متفرقة ، ولكن رءوسهم خمس طوائف :  
الأولى  سلبية محضا ، يثبتون إثباتا هو عين النفي ، ويصفون الباري - تعالى - بصفات العدم المحض الذي ليس هو بشيء البتة   ، وليس له عندهم حقيقة غير أنهم يقولون هو موجود ، لا داخل العالم ولا خارجا عنه ، ولا مباينا له ولا محايثا ، وليس على العرش ولا غيره ، ولا يثبتون له ذاتا ولا اسما ، ولا صفة ولا فعلا ، بل ذلك عندهم هو عين الشرك ، وهذا هو الذي صرح به غلاة  الجهمية   ، وقد كان قدماؤهم يتحاشون عنه ويتسترون منه ، وكان السلف من أئمة الحديث يتفرسون      [ ص: 370 ] فيهم ذلك ، وأنهم يبطنونه ولا يبوحون به ، وقد قدمنا عن جماعة من السلف قولهم في  الجهمية      : إنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله يعبد ، ويقول بعضهم : إنهم يزعمون أن إلهك الذي في السماء ليس بشيء ، ولكنه لم يصرح بذلك ويظهره إلا   ابن سينا  صاحب الإشارات تلميذ   الفارابي  ، وهو منسوب إلى  أرسطو اليوناني  ، وهو يرجع إلى مذهب  الدهرية   الطبائعية في المعنى ، وهو الذي نصره الملحد الكبير نصير الشرك  الطواسي  وأشباهه ، قبحهم الله - تعالى .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					