( فصل ) : وذكر   الواقدي  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث  شجاع بن وهب  إلى  الحارث بن  [ ص: 288 ] أبي شمر   وهو بغوطة  دمشق   ، فكتب إليه بمرجعه من  الحديبية      .  
بسم الله الرحمن الرحيم .  
من  محمد   رسول الله إلى  الحارث بن أبي شمر .  
سلام على من اتبع الهدى وآمن به وصدق .  
فإني أدعوك أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، يبقى لك ملكك ، وختم الكتاب .  
فخرج به  شجاع بن وهب  ، قال : فانتهيت إلى حاجبه فأخذه يومئذ وهو مشغول بتهيئة الإنزال والألطاف لقيصر وهو جاء من  حمص   إلى  إيلياء   حيث كشف الله عنه جنود فارس ، شكرا لله عز وجل ، قال : فأقمت على بابه يومين أو ثلاثا ، فقلت لحاجبه : إني رسول رسول الله إليه ، فقال حاجبه - وكان روميا ، اسمه  مري     - : لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا ، وجعل صاحبه يسألني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو إليه ، فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ، ويقول : إني قرأت في الإنجيل وأجد صفة هذا النبي بعينه ، فكنت أراه يخرج من  الشام   ، فأراه قد خرج  بأرض القرظ   ، فأنا أؤمن به وأصدقه ، وأنا أخاف من  الحارث بن أبي شمر  أن يقتلني .  
 [ ص: 289 ] قال  شجاع     : فكان هذا الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي ، ويخبرني عن  الحارث  ما بالناس منه ، ويقول : هو يخاف قيصر ، قال : فخرج  الحارث  يوما وجلس فوضع التاج على رأسه ، فأذن لي عليه ، فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ، وقال : من ينتزع مني ملكي ؟ ! أنا سائر إليه ولو كان  باليمن   جئته ، علي بالناس ، فلم يزل جالسا يعرض حتى الليل ، وأمر بالخيل أن تنعل ، ثم قال : أخبر صاحبك ما ترى ، وكتب إلى قيصر يخبره بخبري فصادف قيصر  بإيليا   ، وعنده   دحية الكلبي  قد بعثه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قرأ قيصر كتاب  الحارث  كتب إليه أن لا تسر إليه واله عنه ووافني  بإيليا      . قال : ورجع الكتاب وأنا مقيم ، فدعاني وقال : متى تريد أن تخرج إلى صاحبك ؟ قلت : غدا ، فأمر لي بمائة مثقال ذهبا ، ووصلني (  مري     ) بنفقة وكسوة ، وقال : اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام ، وأخبره أني متبع دينه .  
قال  شجاع     : فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : باد ملكه ، وأقرأته من  مري  السلام وأخبرته بما قال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					