الفصل الثالث والعشرون : في  كراماته ، وبركاته ، وانقلاب الأعيان له فيما لمسه ، أو باشره - صلى الله عليه وسلم      -  
[ أخبرنا  أحمد بن محمد  ، حدثنا   أبو ذر الهروي  ، إجازة ، وحدثنا  القاضي أبو علي  سماعا ،  والقاضي أبو عبد الله بن عبد الرحمن  ، وغيرهما ، قالوا : حدثنا  أبو الوليد القاضي  ، حدثنا   أبو ذر الهروي  ، حدثنا  أبو إسحاق  ،  وأبو الهيثم     : قالوا : حدثنا   الفربري  ، حدثنا   البخاري  ، حدثنا   يزيد بن زريع  ، حدثنا  سعيد  ، عن  قتادة     ] ، عن   أنس بن مالك     - رضي الله عنه -  أن أهل  المدينة   فزعوا مرة ، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسا  لأبي طلحة  كان يقطف ، أو به قطاف . وقال غيره : يبطأ ، فلما رجع قال : وجدنا فرسك بحرا فكان بعد لا يجارى     .  
ونخس جمل  جابر  ، وكان قد أعيا ، فنشط      [ ص: 325 ] حتى كان ما يملك زمامه .  
وصنع مثل ذلك بفرس  لجعيل الأشجعي  ، خفقها بمخفقة معه ، وبرك عليها ، فلم يملك رأسها نشاطا ، وباع من بطنها باثني عشر ألفا .  
وركب حمارا قطوفا   لسعد بن عبادة  فرده هملاجا لا يساير .  
وكانت شعرات من شعره في قلنسوة   خالد بن الوليد  ، فلم يشهد بها قتالا إلا رزق النصر .  
وفي الصحيح  عن   أسماء بنت أبي بكر     - رضي الله عنها - أنها أخرجت جبة طيالسة ، وقالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبسها ، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها .  
وحدثنا  القاضي أبو علي  ، عن شيخه  أبي القاسم بن المأمون     : قال : وكانت عندنا قصعة من قصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فكنا نجعل فيها الماء للمرضى ، فيستشفون بها .  
وأخذ  جهجاه الغفاري  القضيب من يد  عثمان     - رضي الله عنه - ليكسره على ركبته ، فصاح الناس به ، فأخذته فيها الآكلة فقطعها ، ومات قبل الحول .  
وسكب من  فضل وضوئه   في  بئر قباء   فما نزفت بعد .  
وبزق في بئر كانت في دار  أنس  ، فلم يكن  بالمدينة   أعذب منها .  
ومر على ماء ، فسأل عنه ، فقيل له : اسمه بيسان ، وماؤه ملح ، فقال :      [ ص: 326 ] بل هو نعمان ، وماؤه طيب ، فطاب . وأتي بدلو من ماء زمزم ، فمج فيه ، فصارت أطيب من المسك .  
وأعطى  الحسن  ،  والحسين  لسانه فمصاه ، وكان يبكيان عطشا فسكتا .  
وكان  لأم مالك  عكة تهدي فيها للنبي - صلى الله عليه وسلم - سمنا ، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا تعصرها ، ثم دفعها إليها ، فإذا هي مملوءة سمنا ، فيأتيها بنوها يسألونها الأدم ، وليس عندهم شيء ، فتعمد إليها ، فتجد فيها سمنا ، فكانت تقيم أدمها حتى عصرتها .  
وكان يتفل في أفواه الصبيان المراضع فيجزئهم ريقه إلى الليل .  
ومن ذلك بركة يده فيما لمسه ، وغرسه ،  ولسلمان     - رضي الله عنه - حين كاتبه مواليه على ثلاثمائة ودية يغرسها لهم ، كلها تعلق ، وتطعم ، وعلى أربعين أوقية من ذهب ، فقام - صلى الله عليه وسلم - ، وغرسها له بيده إلا واحدة غرسها غيره ، فأخذت كلها إلا تلك الواحدة ، فقلعها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وردها ، فأخذت .  
وفي كتاب  البزار     : فأطعم النخل من عامه إلا الواحدة ، فقلعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وغرسها فأطعمت من عامها .  
وأعطاه مثل بيضة الدجاجة من ذهب بعد أن أدارها على لسانه فوزن منها لمواليه أربعين أوقية ، وبقي عنده مثل ما أعطاهم .  
وفي حديث  حنش بن عقيل     :  سقاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شربة من سويق شرب أولها ، وشربت آخرها ، فما برحت أجد شبعها إذا جعت ، وريها إذا عطشت ، وبردها إذا ظمئت     .  
وأعطى   قتادة بن النعمان  ، وصلى معه العشاء في ليلة مظلمة مطيرة عرجونا ، وقال : انطلق به ، فإنه سيضيء لك من بين يديك عشرا ، ومن خلفك عشرا ، فإذا دخلت بيتك فسترى سوادا فاضربه حتى يخرج ، فإنه الشيطان .  
فانطلق فأضاء له العرجون حتى دخل بيته ، ووجد السواد فضربه حتى خرج .  
ومنها دفعه  لعكاشة  جذل حطب ، وقال : اضرب به حين انكسر سيفه يوم بدر ، فعاد      [ ص: 327 ] في يده سيفا صارما ، طويل القامة ، أبيض ، شديد المتن ، فقاتل به ، ثم لم يزل عنده يشهد به المواقف إلى أن استشهد في قتال أهل الردة . وكان هذا السيف يسمى العون .  
ودفعه  لعبد الله بن جحش  يوم  أحد   ، وقد ذهب سيفه عسيب نخل ، فرجع في يده سيفا .  
ومنه بركته في درور الشياه الحوائل باللبن الكثير ، كقصة شاة  أم معبد  ، وأعنز  معاوية بن ثور  ، وشاة  أنس  ، وغنم  حليمة  مرضعته ، وشارفها ، وشاة   عبد الله بن مسعود  ، وكانت لم ينز عليها فحل ، وشاة  المقداد     .  
ومن ذلك تزويده أصحابه سقاء ماء بعد أن أوكاه ، ودعا فيه ، فلما حضرتهم الصلاة نزلوا فحلوه ، فإذا به لبن طيب ، وزبدة في فمه من رواية   حماد بن سلمة     .  
ومسح على رأس   عمير بن سعد  ، وبرك ، فمات ، وهو ابن ثمانين ، فما شاب .  
وروي مثل هذه القصص عن غير واحد ، منهم   السائب بن يزيد  ،  ومدلوك     .  
وكان يوجد  لعتبة بن فرقد  طيب يغلب طيب نسائه ، لأن رسول      [ ص: 328 ] الله - صلى الله عليه وسلم - مسح بيده على بطنه ، وظهره .  
وسلت الدم عن وجه  عائذ بن عمرو  ، وكان خرج يوم حنين ، ودعا له ، فكانت له غرة كغرة الفرس .  
ومسح على رأس  قيس بن زيد الجذامي  ، ودعا له ، فهلك ، وهو ابن مائة سنة ، ورأسه أبيض ، وموضع كف النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وما مرت يده عليه من شعره أسود ، كان يدعى الأغر .  
وروي مثل هذه الحكاية  لعمرو بن ثعلبة الجهني     .  
ومسح وجه آخر ، فما زال على وجهه نور .  
ومسح وجه  قتادة بن ملحان  فكان لوجهه بريق حتى كان ينظر في وجهه كما ينظر في المرآة .  
ووضع يده على رأس  حنظلة بن حزيم  ، وبرك عليه ، فكان  حنظلة  يؤتى بالرجل قد ورم وجهه ، والشاة قد ورم ضرعها ، فيوضع على موضع كف النبي - صلى الله عليه وسلم - فيذهب الورم .  
ونضح في وجه   زينب بنت أم سلمة  نضحة من ماء ، فما يعرف كان في وجه امرأة من الجمال ما بها .  
ومسح على رأس صبي به عاهة ، فبرأ ، واستوى شعره ، وعلى غير واحد من الصبيان والمرضى ، والمجانين ، فبرءوا .  
وأتاه رجل به أدرة ، فأمره أن ينضحها بماء من عين مج فيها ، ففعل ، فبرأ .  
وعن   طاوس     : لم يؤت النبي - صلى الله عليه وسلم - بأحد به مس ، فصك في صدره إلا ذهب     . المس :      [ ص: 329 ] الجنون . ومج في دلو من بئر ، ثم صب فيها ، ففاح منها ريح المسك .  
وأخذ قبضة من تراب يوم حنين ، ورمى بها في وجوه الكفار ، وقال :  شاهت الوجوه فانصرفوا يمسحون القذى عن أعينهم     .  
وشكا إليه   أبو هريرة     - رضي الله عنه - النسيان فأمره ببسط ثوبه ، وغرف بيده فيه ، ثم أمره بضمه ، ففعل ، فما نسي شيئا بعد . وما يروى في هذا كثير .  
وضرب صدر   جرير بن عبد الله  ، ودعا له ، وكان ذكر له أنه لا يثبت على الخيل ، فصار من أفرس العرب ، وأثبتهم .  
ومسح على رأس  عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب  ، وهو صغير ، وكان دميما ، ودعا له بالبركة ، ففرع الرجال طولا ، وتماما .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					