الفصل التاسع والعشرون :  ما حدث أثناء مولده عليه السلام  
 ومن ذلك ما ظهر من الآيات عند مولده ، وما حكته أمه ، ومن حضره من العجائب ، وكونه رافعا رأسه عندما وضعته شاخصا ببصره إلى السماء ، وما رأته من النور الذي خرج معه ، عند ولادته ، وما رأته إذ ذاك  أم عثمان بن أبي العاص  من تدلي النجوم ، وظهور النور عند ولادته ، حتى ما تنظر إلا النور .  
وقول  الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف     :  لما سقط - صلى الله عليه وسلم - على يدي ، واستهل سمعت قائلا يقول : رحمك الله ، وأضاء لي ما بين المشرق ، والمغرب حتى نظرت إلى      [ ص: 351 ] قصور  الروم      .  
وما تعرفت به  حليمة  ، وزوجها  ظئراه  من بركته ، ودرور لبنها له ، ولبن شارفها ، وخصب غنمه ، وسرعة شبابه ، وحسن نشأته .  
وما جرى من العجائب ليلة مولده ، من ارتجاج  إيوان كسرى   ، وسقوط شرفاته ، وغيض بحيرة طبرية ، وخمود نار  فارس   ، وكان لها ألف عام لم تخمد .  
وأنه كان إذا أكل مع عمه  أبي طالب  ، وآله وهو صغير شبعوا ، ورووا ، فإذا غاب فأكلوا في غيبته لم يشبعوا .  
وكان سائر ولد  أبي طالب  يصبحون شعثا ، ويصبح - صلى الله عليه وسلم - صقيلا دهينا كحيلا .  
قالت  أم أيمن  حاضنته :  ما رأيته - صلى الله عليه وسلم - شكا جوعا قط ، ولا عطشا صغيرا ، ولا كبيرا     .  
ومن ذلك حراسة السماء بالشهب ، وقطع رصد الشياطين ، ومنعهم استراق السمع . وما نشأ عليه من بغض الأصنام ، والعفة عن أمور الجاهلية .  
وما خصه الله به من ذلك ، وحماه حتى في ستره في الخبر المشهور عند بناء  الكعبة   ، إذ أخذ إزاره ليجعله على عاتقه ليحمل عليه الحجارة ، وتعرى ، فسقط إلى الأرض حتى رد إزاره عليه .  
فقال له عمه : ما بالك ؟ فقال :  إني قد نهيت عن التعري     .  
ومن ذلك إظلال الله له بالغمام في سفره .  
وفي رواية أن   خديجة  ، ونساءها رأينه لما قدم ، وملكان يظلانه فذكرت ذلك  لميسرة  ، فأخبرها أنه رأى ذلك منذ خرج معه في سفره .  
وقد روي أن  حليمة  رأت غمامة تظله ، وهو عندها .  
وروي ذلك عن أخيه من الرضاعة .  
ومن ذلك أنه نزل في بعض أسفاره قبل مبعثه تحت شجرة يابسة ، فاعشوشب ما حولها ، وأينعت هي فأشرقت ، وتدلت عليه أغصانها بمحضر من رآه .  
وميل فيء الشجرة إليه في الخبر الآخر حتى أظلته .  
وما ذكر من أنه كان لا ظل لشخصيته في شمس ، ولا قمر ، لأنه كان نورا .  
وأن الذباب كان لا يقع على جسده ، ولا ثيابه .  
 [ ص: 352 ] ومن ذلك تحبيب الخلوة إليه حتى أوحي إليه ، ثم إعلامه بموته ، ودنو أجله ، وأن قبره في  المدينة   ، وفي بيته ، وأن بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة ، وتخيير الله له عند موته ، وما اشتمل عليه حديث الوفاة من كراماته ، وتشريفه ، وصلاة الملائكة على جسده على ما رويناه في بعضها .  
واستئذان ملك الموت عليه ، ولم يستأذن على غيره قبله .  
ونداؤهم الذي سمعوه ألا ينزعوا القميص عنه عند غسله .  
وما روي من تعزية  الخضر   ، والملائكة أهل بيته عند موته .  
إلى ما ظهر على أصحابه من كرامته ، وبركته في حياته ، وموته ، كاستسقاء عمر بعمه ، وتبرك غير واحد بذريته .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					