( وأما ) صاحبة العادة في الحيض إذا كانت عادتها عشرة فزاد الدم عليها  فالزيادة استحاضة ، وإن كانت عادتها خمسة فالزيادة عليها حيض معها إلى تمام العشرة لما ذكرنا في المبتدأة بالحيض ، وإن جاوز العشرة فعادتها حيض ، وما زاد عليها استحاضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم {المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها   } أي : أيام حيضها ، ولأن ما رأت في أيامها حيض بيقين ، وما زاد على العشرة استحاضة بيقين ، وما بين ذلك متردد بين أن يلحق بما قبله فيكون حيضا ، فلا تصلي ، وبين أن يلحق بما بعده فيكون استحاضة فتصلي ، فلا تترك الصلاة بالشك ، وإن لم يكن لها عادة معروفة بأن كانت ترى شهرا ستا ، وشهرا سبعا فاستمر بها الدم فإنها تأخذ في حق الصلاة ، والصوم ، والرجعة بالأقل ، وفي حق انقضاء العدة ، والغشيان بالأكثر فعليها إذا رأت ستة أيام في الاستمرار أن تغتسل في اليوم السابع لتمام السادس ، وتصلي فيه ، وتصوم إن كان دخل عليها شهر رمضان لأنه يحتمل أن يكون السابع حيضا . 
ويحتمل أن لا يكون فدار الصلاة ، والصوم بين الجواز منها ، والوجوب عليها في الوقت فيجب ، وتصوم رمضان احتياطا لأنها إن فعلت ، وليس عليها أولى أن تترك ، وعليها ذلك ، وكذلك تنقطع الرجعة ، لأن ترك الرجعة مع  [ ص: 42 ] ثبوت حق الرجعة أولى من إثباتها من غير حق الرجعة . 
وأما في انقضاء العدة ، والغشيان فتأخذ بالأكثر لأنها إن تركت التزوج مع جواز التزوج أولى من أن تتزوج بدون حق التزوج ، وكذا ترك الغشيان مع الحل أولى من الغشيان مع الحرمة فإذا جاء اليوم الثامن فعليها أن تغتسل ثانيا ، وتقضي اليوم الذي صامت في اليوم السابع ، لأن الأداء كان واجبا ، ووقع الشك في السقوط إن لم تكن حائضا فيه صح صومها ، ولا قضاء عليها ، وإن كانت حائضا فعليها القضاء ، فلا يسقط القضاء بالشك ، وليس عليها قضاء الصلوات لأنها إن كانت طاهرة في هذا اليوم فقد صلت ، وإن كانت حائضا فيه فلا صلاة عليها للحال ، ولا القضاء في الثاني . 
ولو كانت عادتها خمسة فحاضت ستة ، ثم حاضت حيضة أخرى سبعة ، ثم حاضت حيضة أخرى ستة  فعادتها ستة بالإجماع حتى يبنى الاستمرار عليها أما عند  أبي يوسف  فلأن العادة تنتقل بالمرة الواحدة ، وإنما يبنى الاستمرار على المرة الأخيرة ، لأن العادة انتقلت إليها . 
وأما عند  أبي حنيفة   ، ومحمد  أيضا فلأن العادة ، وإن كانت لا تنتقل إلا بالمرتين فقد رأت الستة مرتين فانتقلت عادتها إليها هذا معنى قول  محمد  كلما عاودها الدم في يوم مرتين فحيضها ذلك ، وذكر في الأصل إذا حاضت المرأة في شهر مرتين  فهي مستحاضة ، والمراد بذلك أنه لا يجتمع في شهر واحد حيضتان ، وطهران لأن أقل الحيض ثلاثة ، وأقل الطهر خمسة عشر يوما وقد ذكر في الأصل سؤالا وقال أرأيت لو رأت في أول الشهر خمسة ثم طهرت خمسة عشر ، ثم رأت الدم خمسة أليس قد حاضت في شهرين مرتين ، ثم أجاب فقال : إذا ضممت إليه طهرا آخر كان أربعين يوما ، والشهر لا يشتمل على ذلك ، وحكي أن امرأة جاءت إلى  علي  رضي الله عنه وقالت : إني حضت في شهر ثلاث مرات  فقال  علي  رضي الله عنه  لشريح  ماذا تقول في ذلك فقال : إن أقامت على ذلك بينة من بطانتها ممن يرضى بدينه ، وأمانته قبل منها فقال  علي  رضي الله عنه قالون ، وهي بالرومية حسن ، وإنما أراد  شريح  بذلك تحقيق النفي أنها لا تجد ذلك ، وإن هذا لا يكون كما قال الله تعالى { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط    } أي : لا يدخلونها رأسا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					