( فصل ) : 
هذا الذي ذكرنا بيان الحكم الأصلي للطلاق ، وأما الذي هو من التوابع فنوعان : نوع يعم الطلاق المعين ، والمبهم ، ونوع يخص المبهم أما الذي يعم المعين ، والمبهم فوجوب العدة على بعض المطلقات دون بعض ، وهي المطلقة المدخول بها ، والكلام في العدة في مواضع : في تفسير العدة في عرف الشرع ، وبيان وقت وجوبها ، وفي بيان أنواع العدد ، وسبب وجوب كل نوع ، وما له وجب ، وشرط وجوبه ، وفي بيان مقادير العدد ، وفي بيان انتقال العدة ، وتغيرها ، وفي بيان أحكام العدة ، وفي بيان ما يعرف به انقضاء العدة ، وما يتصل بها : أما تفسير العدة  ، وبيان وقت وجوبها فالعدة في عرف الشرع : اسم لأجل ضرب لانقضاء ما بقي من آثار النكاح ، وهذا عندنا وعند  الشافعي  هي اسم لفعل التربص ، وعلى هذا ينبني العدتان إذا وجبتا  أنهما يتداخلان سواء كانتا من جنس واحد أو من جنسين . 
وصورة الجنس الواحد : المطلقة إذا تزوجت في عدتها فوطئها الزوج ثم تتاركا حتى وجبت عليها عدة أخرى فإن العدتين يتداخلان عندنا وصورة الجنسين المختلفين المتوفى عنها زوجها إذا وطئت بشبهة تداخلت أيضا ، وتعتد بما رأته من الحيض في الأشهر من عدة الوطء عندنا . 
وقال  الشافعي    : تمضي في العدة الأولى فإذا انقضت استأنفت الأخرى احتج بقوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء    } وقوله تعالى { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا    } وقوله تعالى { ، وبعولتهن أحق بردهن في ذلك    } أي : في التربص ، ومعلوم أن الزوج إنما يملك الرجعة في العدة فدل أن العدة تربص ، سمى الله تعالى العدة تربصا ، وهو اسم للفعل ، وهو الكف ، والفعلان - وإن كانا من جنس واحد - لا يتأديان بأحدهما كالكف في باب الصوم ، وغير ذلك ولنا قوله تعالى { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله    } سمى الله تعالى العدة أجلا ، والأجل اسم لزمان مقدر مضروب لانقضاء أمر كآجال الديون ، وغيرها سميت العدة أجلا لكونه وقتا مضروبا لانقضاء ما بقي من آثار النكاح ، والآجال إذا اجتمعت تنقضي بمدة واحدة كالآجال في باب الديون ، والدليل على أنها اسم للأجل لا للفعل أنها تنقضي من غير فعل التربص بأن لم تجتنب عن محظورات العدة حتى انقضت المدة ، ولو كانت فعلا لما تصور انقضاؤها مع ضدها ، وهو الترك . 
وأما الآيات فالتربص هو التثبت ، والانتظار قال تعالى { فتربصوا به حتى حين    } . 
وقال سبحانه ، وتعالى { ويتربص بكم الدوائر    } وقال سبحانه { فتربصوا إنا معكم متربصون    } ، والانتظار يكون في الآجال المعتدة تنتظر انقضاء المدة المضروبة ، وبه تبين أن التربص ليس هو فعل الكف ، على أنا إن سلمنا أنه كف لكنه ليس بركن في الباب بل هو تابع بدليل أنه تنقضي العدة بدونه على ما بينا ، وكذا تنقضي بدون العلم به ولو كان ركنا لما تصور الانقضاء بدونه ، وبدون العلم به . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					