وروى  ابن سماعة  عن  محمد  في رجل استأجر خبازا ليخبز له قفيزا من دقيق بدرهم ، فخبز ، فاحترق الخبز في التنور قبل أن يخرجه  ، أو ألزقه في التنور ثم أخذه ليخرجه فوقع من يده في التنور فاحترق ، فلا أجرة له ; لأنه هلك قبل تمام العمل ; لأنه عمل الخبز لا يتم إلا بالإخراج من التنور ، فلم يكن قبل الإخراج خبز فصار كهلاك اللبن قبل أن يتمه ، قال : ولو أخرجه من التنور ووضعه وهو يخبز في منزل المستأجر فاحترق من غير جنايته فله الأجر ، ولا ضمان عليه في قول  أبي حنيفة    . 
أما استحقاق الأجر فلأنه فرغ من العمل بإخراج الخبز من التنور ، وحصل مسلما إلى المستأجر لكونه في ملك المستأجر . 
وأما عدم وجوب الضمان فلأن الهلاك من غير صنع الأجير المشترك لا يتعلق به الضمان عنده . 
وأما على قول من يضمن الأجير المشترك فإنه ضامن له دقيقا مثل الدقيق الذي دفعه إليه ، ولا أجر له ، وإن شاء ضمنه قيمة الخبز مخبوزا وأعطاه الأجر ; لأن قبض الأجير قبض مضمون عندهما فلا يبرأ عن الضمان بوضعه في منزل مالكه ، وإنما يبرأ بالتسليم كالغاصب إذا وجب الضمان عليه عندهما ، فصاحب الدقيق بالخيار إن شاء ضمنه دقيقا وأسقط الأجر ; لأنه لم يسلم إليه العمل ، وإن شاء ضمنه خبزا فصار العمل مسلما إليه ، فوجب الأجر عليه قال : ولا أضمنه القصب ولا الملح ; لأن ذلك صار مستهلكا قبل وجوب الضمان عليه ، وحين وجب الضمان عليه لا قيمة له ; لأن القصب صار رمادا والملح صار ماء وكذلك الخياط الذي يخيط له في منزله قميصا ، فإن خاط له بعضه لم يكن له أجرته    ; لأن هذا العمل لا ينتفع ببعضه دون بعضه فلا تلزم الأجرة  [ ص: 206 ] إلا بتمامه ، فإذا فرغ منه ثم هلك فله الأجرة في قول  أبي حنيفة    ; لأن العمل حصل مسلما إليه لحصوله في ملكه . 
وأما على قولهما فالعين مضمونة فلا يبرأ عن ضمانها إلا بتسليمها إلى مالكها ، فإن هلك الثوب فإن شاء ضمنه قيمته صحيحا ولا أجر له ، وإن شاء ضمنه قيمته مخيطا وله الأجر ; لما بينا ، ولو استأجر حمالا ليحمل له دنا من السوق إلى منزله فحمله حتى إذا بلغ باب درب الذي استأجره كسره إنسان  فلا ضمان على الحامل في قول  أبي حنيفة  ، وله الأجر ، وهو على ما ذكرنا أن العمل إذا لم يكن له أثر ظاهر في العين كما وقع يحصل مسلما إلى المستأجر ، وذكر  ابن سماعة  عن  محمد  في رجل دفع ثوبا إلى خياط يخيطه بدرهم ، فمضى ، فخاطه ، ثم جاء رجل ففتقه قبل أن يقبضه رب الثوب  فلا أجر للخياط ; لأن المنافع هلكت قبل التسليم فسقط بدلها قال : ولا أجبر الخياط على أن يعيد العمل ; لأنه لما فرغ من العمل فقد انتهى العقد ، فلا يلزمه العمل ثانيا ، وإن كان الخياط هو الذي فتق الثوب عليه أن يعيده ; لأنه لما فتقه فقد فسخ المنافع التي عملها ، فكأنه لم يعمل رأسا ، وإذا فتقه الأجنبي فقد أتلف المنافع بدليل أنه يجب عليه الضمان . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					