ولا ينعقد بيع الخنزير من المسلم    ; لأنه ليس بمال في حق المسلمين فأما أهل الذمة فلا يمنعون من بيع الخمر ، والخنزير  أما على قول بعض مشايخنا فلأنه مباح الانتفاع به شرعا لهم كالخل ، وكالشاة لنا فكان مالا في حقهم فيجوز بيعه . 
وروي عن سيدنا  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه كتب إلى عشاره بالشام  أن ولوهم بيعها ، وخذوا العشر من أثمانها ، ولو لم يجز بيع الخمر منهم لما أمرهم بتوليتهم البيع ، وعن بعض مشايخنا : حرمة الخمر ، والخنزير ثابتة على العموم في حق المسلم ، والكافر ; لأن الكفار مخاطبون بشرائع هي حرمات هو الصحيح من مذهب أصحابنا فكانت الحرمة ثابتة في حقهم لكنهم لا يمنعون عن بيعها ; لأنهم لا يعتقدون حرمتها ، ويتمولونها . 
ونحن أمرنا بتركهم ، وما يدينون ، ولو باع ذمي من ذمي خمرا ، أو خنزيرا ثم أسلما أو أسلم أحدهما  قبل القبض يفسخ البيع ; لأنه بالإسلام حرم البيع ، والشراء ، فيحرم القبض ، والتسليم أيضا ; لأنه يشبه الإنشاء أو إنشاء من وجه فيلحق به في باب الحرمات احتياطا ، وأصله قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين    } والأمر بترك ما بقي من الربا هو النهي عن قبضته يؤيده قوله تعالى في آخر الآية الشريفة : { وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ، ولا تظلمون    } وإذا حرم القبض ، والتسليم لم يكن في بقاء العقد فائدة ، فيبطله القاضي كمن باع عبدا فأبق قبل القبض ، ولو كان إسلامهما أو إسلام أحدهما بعد القبض مضى البيع ; لأن الملك قد ثبت على الكمال بالعقد ، والقبض في حالة الكفر ، وإنما يوجد بعد الإسلام دوام الملك . 
والإسلام لا ينافي ذلك فإن من تخمر عصيره لا يؤمر بإبطال ملكه فيها ، ولو أقرض الذمي ذميا خمرا ثم أسلم أحدهما  فإن أسلم المقرض سقطت الخمر ، ولا شيء له من قيمة الخمر على المستقرض أما سقوط قيمة الخمر ، فلأن العجز عن قبض المثل جاء من قبله فلا شيء له ، وإن أسلم المستقرض . 
روي عن  أبي يوسف  عن  أبي حنيفة  رحمه الله أنه تسقط الخمر ، وليس عليه قيمة الخمر أيضا كما لو أسلم المقرض ، وروى محمد  ،  وزفر  ، وعافية بن زياد القاضي  عن  أبي حنيفة  رضي الله عنهم أن عليه قيمة الخمر ، وهو قول  محمد  رحمه الله . 
( وجه ) هذه الرواية أن امتناع التسليم من المستقرض إنما جاء لمعنى من قبله ، وهو إسلامه فكأنه استهلك عليه خمره ، والمسلم إذا استهلك خمر الذمي يضمن قيمته . 
( وجه ) رواية  أبي يوسف  رحمه الله أنه لا سبيل إلى تسليم المثل ; لأنه يمنع منه ، ولا إلى القيمة ; لأن ذلك يوجب ملك المستقرض ، والإسلام يمنع منه ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					