وعلى هذا الأصل قال أصحابنا : إنه لا يجوز الجمع بين فرضين في وقت أحدهما  إلا بعرفة  والمزدلفة  فيجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة  ، وبين المغرب والعشاء في وقت العشاء بمزدلفة  ، اتفق عليه رواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعله ، ولا يجوز الجمع بعذر السفر والمطر . 
وقال  الشافعي    : يجمع بين الظهر والعصر في وقت العصر وبين المغرب والعشاء  [ ص: 127 ] في وقت العشاء بعذر السفر والمطر ، ( واحتج ) بما روى  ابن عباس   وابن عمر  رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بعرفة  بين الظهر والعصر ، وبمزدلفة  بين المغرب والعشاء ، ولأنه يحتاج إلى ذلك في السفر كي لا ينقطع به السير ، وفي المطر كي تكثر الجماعة ، إذ لو رجعوا إلى منازلهم لا يمكنهم الرجوع فيجوز الجمع بهذا كما يجوز الجمع بعرفة  بين الظهر والعصر ، وبمزدلفة  بين المغرب والعشاء . 
( ولنا ) أن تأخير الصلاة عن وقتها من الكبائر فلا يباح بعذر السفر والمطر كسائر الكبائر ، والدليل على أنه من الكبائر ما روي عن  ابن عباس  رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من جمع بين صلاتين في وقت واحد فقد أتى بابا من الكبائر   } ، وعن  عمر  رضي الله عنه أنه قال : الجمع بين الصلاتين من الكبائر ، ولأن هذه الصلوات عرفت مؤقتة بأوقاتها بالدلائل المقطوع بها من الكتاب والسنة المتواترة والإجماع ، فلا يجوز تغييرها عن أوقاتها بضرب من الاستدلال أو بخبر الواحد ، مع أن الاستدلال فاسد ; لأن السفر والمطر لا أثر لهما في إباحة تفويت الصلاة عن وقتها ، ألا ترى أنه لا يجوز الجمع بين الفجر والظهر مع ما ذكرتم من العذر ؟ والجمع بعرفة  ما كان لتعذر الجمع بين الوقوف والصلاة ; لأن الصلاة لا تضاد الوقوف بعرفة  ، بل ثبت غير معقول المعنى بدليل الإجماع والتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم فصلح معارضا للدليل المقطوع به ، وكذا الجمع بمزدلفة  غير معلول بالسير ، ألا ترى أنه لا يفيد إباحة الجمع بين الفجر والظهر ، وما روي من الحديث في خبر الآحاد فلا يقبل في معارضة الدليل المقطوع به ، مع أنه غريب ورد في حادثة تعم بها البلوى ، ومثله غير مقبول عندنا ثم هو مؤول وتأويله أنه جمع بينهما فعلا لا وقتا ، بأن أخر الأولى منهما إلى آخر الوقت ثم أدى الأخرى في أول الوقت ولا واسطة بين الوقتين فوقعتا مجتمعتين فعلا ، كذا فعل  ابن عمر  رضي الله عنهما في سفر وقال : هكذا كان يفعل بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دل عليه ما روي عن  ابن عباس  رضي الله عنهما أن { النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير مطر ولا سفر   } وذلك لا يجوز إلا فعلا ، وعن  علي  رضي الله عنه أنه جمع بينهما فعلا ثم قال : هكذا فعل بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا روي عن  أنس بن مالك  أنه جمع بينهما فعلا ثم قال : هكذا فعل بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					