( فصل ) : 
وأما بيان ما يجب على السامعين عند الأذان  فالواجب عليهم الإجابة ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أربع من الجفاء : من بال قائما ، ومن مسح جبهته قبل الفراغ من الصلاة ، ومن سمع الأذان ولم يجب ، ومن سمع ذكري ولم يصل علي   } ، والإجابة : أن يقول مثل ما قال المؤذن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من قال مثل ما يقول المؤذن غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر   } ، فيقول مثل ما قاله إلا في قوله : " حي على الصلاة حي على الفلاح " فإنه يقول مكانه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ; لأن إعادة ذلك تشبه المحاكاة والاستهزاء ، وكذا إذا قال المؤذن : " الصلاة خير من النوم " لا يعيده السامع لما قلنا ولكنه يقول : صدقت وبررت ، أو ما يؤجر عليه . 
ولا ينبغي أن يتكلم السامع في حال الأذان والإقامة ، ولا يشتغل بقراءة القرآن ، ولا بشيء من الأعمال سوى الإجابة ، ولو كان في القراءة ينبغي أن يقطع ويشتغل بالاستماع والإجابة ، كذا قالوا في الفتاوى والله أعلم . 
( والثاني ) : الجماعة ، والكلام فيها في مواضع : في بيان وجوبها ، وفي بيان من تجب عليه ، وفي بيان من تنعقد به ، وفي بيان ما يفعله فائت الجماعة ، وفي بيان من يصلح للإمامة في الجملة ، وفي بيان من يصلح لها على التفصيل ، وفي بيان من هو أحق وأولى بالإمامة ، وفي بيان مقام الإمام والمأموم ، وفي بيان ما يستحب للإمام أن يفعله بعد الفراغ من الصلاة . 
( أما ) الأول : فقد قال عامة مشايخنا : إنها واجبة ، وذكر  الكرخي  أنها سنة ، ( واحتج ) بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة ، وفي رواية بخمس وعشرين درجة   } ، جعل الجماعة لإحراز الفضيلة وذا آية السنن . 
( وجه ) قول العامة : الكتاب والسنة وتوارث الأمة ، أما الكتاب : فقوله تعالى : { واركعوا مع الراكعين    } ، أمر الله - تعالى - بالركوع مع الراكعين وذلك يكون في حال المشاركة في الركوع ، فكان أمرا بإقامة الصلاة بالجماعة ، ومطلق الأمر لوجوب العمل . 
( وأما ) السنة فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس فأنصرف إلى أقوام تخلفوا عن الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم   } ، ومثل هذا الوعيد لا يلحق إلا بترك الواجب . 
( وأما ) توارث الأمة فلأن الأمة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا واظبت عليها وعلى النكير على تاركها ، والمواظبة على هذا الوجه دليل الوجوب ، وليس هذا اختلافا في الحقيقة بل من حيث العبارة ; لأن السنة المؤكدة ، والواجب سواء ، خصوصا ما كان من شعائر الإسلام ألا ترى أن  الكرخي  سماها سنة ثم فسرها بالواجب فقال : الجماعة سنة لا يرخص لأحد التأخر عنها إلا لعذر ؟ وهو تفسير الواجب عند العامة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					